195

Adabka Dunida iyo Diinta

أدب الدنيا والدين

Daabacaha

دار مكتبة الحياة

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1407 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Suufinimo
مَعَايِشَهُمْ مَتَى يَزْرَعُونَ وَمَتَى يَغْرِسُونَ: ﴿وَهُمْ عَنْ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [الروم: ٧] .
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ [فصلت: ١٠]
قَالَ عِكْرِمَةُ: قَدَّرَ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مِنْهَا مَا لَمْ يَجْعَلْهُ فِي الْأُخْرَى لِيَعِيشَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ بِالتِّجَارَةِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: قَدَّرَ أَرْزَاقَ أَهْلِهَا سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ الزِّيَادَةَ فِي أَرْزَاقِهِمْ. ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُمْ مَعَ مَا هَدَاهُمْ إلَيْهِ مِنْ مَكَاسِبِهِمْ وَأَرْشَدَهُمْ إلَيْهِ مِنْ مَعَايِشِهِمْ دِينًا يَكُونُ حُكْمًا وَشَرْعًا يَكُونُ قَيِّمًا؛ لِيَصِلُوا إلَى مَوَادِّهِمْ بِتَقْدِيرِهِ، وَيَطْلُبُوا أَسْبَابَ مَكَاسِبِهِمْ بِتَدْبِيرِهِ، حَتَّى لَا يَنْفَرِدُوا بِإِرَادَتِهِمْ فَيَتَغَالَبُوا، وَتَسْتَوْلِي عَلَيْهِمْ أَهْوَاؤُهُمْ فَيَتَقَاطَعُوا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾ [المؤمنون: ٧١]
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الْحَقُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ اللَّهُ ﷻ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْ الْمَوَادَّ مَطْلُوبَةً بِالْإِلْهَامِ حَتَّى جَعَلَ الْعَقْلَ هَادِيًا إلَيْهَا، وَالدِّينَ قَاضِيًا عَلَيْهَا؛ لِتَتِمَّ السَّعَادَةُ وَتَعُمَّ الْمَصْلَحَةُ. ثُمَّ إنَّهُ - جَلَّتْ قُدْرَتُهُ - جَعَلَ سَدَّ حَاجَتِهِمْ وَتَوَصُّلِهِمْ إلَى مَنَافِعِهِمْ مِنْ وَجْهَيْنِ: بِمَادَّةٍ وَكَسْبٍ. فَأَمَّا الْمَادَّةُ فَهِيَ حَادِثَةٌ عَنْ اقْتِنَاءِ أُصُولٍ نَامِيَةٍ بِذَوَاتِهَا. وَهِيَ شَيْئَانِ: نَبْتٌ نَامٍ وَحَيَوَانٌ مُتَنَاسِلٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى﴾ [النجم: ٤٨] .
قَالَ أَبُو صَالِحٍ: أَغْنَى خَلْقَهُ بِالْمَالِ، وَأَقْنَى جَعَلَ لَهُمْ قُنْيَةً وَهِيَ أُصُولُ الْأَمْوَالِ.
وَأَمَّا الْمَكْسَبُ فَيَكُونُ بِالْأَفْعَالِ الْمُوَصِّلَةِ إلَى الْمَادَّةِ وَالتَّصَرُّفِ الْمُؤَدَّيْ إلَى الْحَاجَةِ. وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تَقَلُّبٌ فِي تِجَارَةٍ. وَالثَّانِي: تَصَرُّفٌ فِي صِنَاعَةٍ. وَهَذَانِ هُمَا فَرْعٌ لِوَجْهَيْ الْمَادَّةِ، فَصَارَتْ أَسْبَابُ الْمَوَادِّ الْمَأْلُوفَةِ، وَجِهَاتُ الْمَكَاسِبِ الْمَعْرُوفَةِ، مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: نَمَاءُ زِرَاعَةٍ، وَنِتَاجُ حَيَوَانٍ، وَرِبْحُ تِجَارَةٍ، وَكَسْبُ صِنَاعَةٍ. وَحَكَى الْحَسَنُ بْنُ رَجَاءٍ

1 / 210