194

Adabka Dunida iyo Diinta

أدب الدنيا والدين

Daabacaha

دار مكتبة الحياة

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1407 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Suufinimo
مَنْ جَاوَزَ النِّعْمَةَ بِالشُّكْرِ ... لَمْ يَخْشَ عَلَى النِّعْمَةِ مُغْتَالَهَا
لَوْ شَكَرُوا النِّعْمَةَ زَادَتْهُمْ ... مَقَالَةُ اللَّهِ الَّتِي قَالَهَا
لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ... لَكِنَّمَا كُفْرُهُمْ غَالَهَا
وَالْكُفْرُ بِالنِّعْمَةِ يَدْعُو إلَى ... زَوَالِهَا وَالشُّكْرُ أَبْقَى لَهَا
وَهَذَا آخِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَسْبَابِ الْأُلْفَةِ الْجَامِعَةِ.
فَأَمَّا الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: فَهِيَ الْمَادَّةُ الْكَافِيَةُ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ لَازِمَةٌ لَا يُعَرَّى مِنْهَا بَشَرٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٨]
فَإِذَا عَدَمَ الْمَادَّةَ الَّتِي هِيَ قِوَامُ نَفْسِهِ لَمْ تَدُمْ لَهُ حَيَاةٌ، وَلَمْ تَسْتَقِمْ لَهُ دُنْيَا، وَإِذَا تَعَذَّرَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَيْهِ لَحِقَهُ مِنْ الْوَهْنِ فِي نَفْسِهِ وَالِاخْتِلَالِ فِي دُنْيَاهُ بِقَدْرِ مَا تَعَذَّرَ مِنْ الْمَادَّةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْقَائِمَ بِغَيْرِهِ يَكْمُلُ بِكَمَالِهِ وَيَخْتَلُّ بِاخْتِلَالِهِ.
ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ الْمَوَادُّ مَطْلُوبَةً لِحَاجَةِ الْكَافَّةِ إلَيْهَا أُعْوِزَتْ بِغَيْرِ طَلَبٍ، وَعُدِمَتْ لِغَيْرِ سَبَبٍ. وَأَسْبَابُ الْمَوَدَّةِ مُخْتَلِفَةٌ، وَجِهَاتُ الْمَكَاسِبِ مُتَشَعِّبَةٌ؛ لِيَكُونَ اخْتِلَافُ أَسْبَابِهَا عِلَّةَ الِائْتِلَافِ بِهَا، وَتَشَعُّبُ جِهَاتِهَا تَوْسِعَةً لِطُلَّابِهَا، كَيْ لَا يَجْتَمِعُوا عَلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ فَلَا يَلْتَئِمُونَ، أَوْ يَشْتَرِكُوا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَكْتَفُونَ.
ثُمَّ هَدَاهُمْ إلَيْهَا بِعُقُولِهِمْ وَأَرْشَدَهُمْ إلَيْهَا بِطِبَاعِهِمْ حَتَّى لَا يَتَكَلَّفُوا ائْتِلَافَهُمْ فِي الْمَعَايِشِ الْمُخْتَلِفَةِ فَيَعْجِزُوا وَلَا يُعَاوَنُوا بِتَقْدِيرِ مَوَادِّهِمْ بِالْمَكَاسِبِ الْمُتَشَعِّبَةِ، فَيَخْتَلُّوا حِكْمَةً مِنْهُ ﷾ اطَّلَعَ بِهَا عَلَى عَوَاقِبِ الْأُمُورِ. وَقَدْ أَنْبَأَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ أَخْبَارًا وَإِذْكَارًا فَقَالَ ﷾: ﴿قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: ٥٠] .
اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَقَالَ قَتَادَةُ: أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ مَا يَصْلُحُ ثُمَّ هَدَاهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَعْطَى كُلَّ شَيْءِ زَوْجَةً ثُمَّ هَدَاهُ لِنِكَاحِهَا. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الروم: ٧] .
يَعْنِي

1 / 209