186

Adabka Dunida iyo Diinta

أدب الدنيا والدين

Daabacaha

دار مكتبة الحياة

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1407 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Suufinimo
صِرْتُ كَأَنِّي ذُبَالَةٌ نُصِبَتْ ... تُضِيءُ لِلنَّاسِ وَهِيَ تَحْتَرِقُ
وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الْبِرِّ فَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَيَتَنَوَّعُ أَيْضًا نَوْعَيْنِ: قَوْلًا وَعَمَلًا. فَأَمَّا الْقَوْلُ فَهُوَ طِيبُ الْكَلَامِ وَحُسْنُ الْبِشْرِ وَالتَّوَدُّدُ بِجَمِيلِ الْقَوْلِ.
وَهَذَا يَبْعَثُ عَلَيْهِ حُسْنُ الْخُلُقِ وَرِقَّةُ الطَّبْعِ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا كَالسَّخَاءِ فَإِنَّهُ إنْ أَسْرَفَ فِيهِ كَانَ مَلِقًا مَذْمُومًا، وَإِنْ تَوَسَّطَ وَاقْتَصَدَ فِيهِ كَانَ مَعْرُوفًا وَبِرًّا مَحْمُودًا. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄، فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّك ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ [الكهف: ٤٦] إنَّهَا الْكَلَامُ الطَّيِّبُ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَتَأَوَّلُ أَنَّهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ.
وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ فَلْيَسَعْهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوُجُوهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ» .
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُنْشِدَ عِنْدَهُ قَوْلُ الْأَعْرَابِيِّ هَذَا:
وَحَيِّ ذَوِي الْأَضْغَانِ تَسْبِ قُلُوبَهُمْ ... تَحِيَّتَك الْحُسْنَى فَقَدْ يُرْقَعُ النَّعْلُ
فَإِنْ دَحَسُوا بِالْمَكْرِ فَاعْفُ تَكَرُّمًا ... وَإِنْ حَبَسُوا عَنْك الْحَدِيثَ فَلَا تَسْلُ
فَإِنَّ الَّذِي يُؤْذِيك مِنْهُ سَمَاعُهُ ... وَإِنَّ الَّذِي قَالُوا وَرَاءَك لَمْ يَقْلُ
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً، وَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» . وَقِيلَ لِلْعَتَّابِيِّ: إنَّك تَلْقَى الْعَامَّةَ بِبِشْرٍ وَتَقْرِيبٍ، قَالَ: دَفْعُ صَنِيعَةٍ بِأَيْسَرِ مُؤْنَةٍ وَاكْتِسَابُ إخْوَانٍ بِأَيْسَرِ مَبْذُولٍ.
وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ أَحِبَّاؤُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
أَبُنَيَّ إنَّ الْبِشْرَ شَيْءٌ هَيِّنٌ ... وَجْهٌ طَلِيقٌ وَكَلَامٌ لَيِّنٌ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
الْمَرْءُ لَا يُعْرَفُ مِقْدَارُهُ ... مَا لَمْ تَبِنْ لِلنَّاسِ أَفْعَالُهُ
وَكُلُّ مَنْ يَمْنَعُنِي بِشْرَهُ ... فَقَلَّمَا يَنْفَعُنِي مَالُهُ

1 / 201