Adabka Dunida iyo Diinta

Al-Mawardi d. 450 AH
147

Adabka Dunida iyo Diinta

أدب الدنيا والدين

Daabacaha

دار مكتبة الحياة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1407 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Suufinimo
الْمُكْتَسَبَةُ بِالِاتِّفَاقِ فَهِيَ أَوْكَدُ حَالًا؛ لِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ عَنْ أَسْبَابٍ تَعُودُ إلَيْهَا. وَالْمُكْتَسَبَةُ بِالْقَصْدِ تُعْقَدُ لَهَا أَسْبَابٌ تَنْقَادُ إلَيْهَا. وَمَا كَانَ جَارِيًا بِالطَّبْعِ فَهُوَ أَلْزَمُ مِمَّا هُوَ حَادِثٌ بِالْقَصْدِ. وَنَحْنُ نَبْدَأُ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْمُكْتَسَبِ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ نُعْقِبُهُ بِالْوَجْهِ الثَّانِي الْمُكْتَسَبُ بِالْقَصْدِ. أَمَّا الْمُكْتَسَبُ بِالِاتِّفَاقِ فَلَهُ أَسْبَابٌ نَبْتَدِئُ بِهَا ثُمَّ نَنْتَقِلُ فِي غَايَةِ أَحْوَالِهِ الْمَحْدُودَةِ إلَى سَبْعِ مَرَاتِبَ رُبَّمَا اسْتَكْمَلْتُهُنَّ وَرُبَّمَا وَقَفْتُ عَلَى بَعْضِهِنَّ وَلِكُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنْ ذَلِكَ حُكْمٌ خَاصٌّ وَسَبَبٌ مُوجِبٌ. قَالَ الشَّاعِرُ: مَا هَوَى إلَّا لَهُ سَبَبُ ... يَبْتَدِي مِنْهُ وَيَنْشَعِبُ فَأَوَّلُ أَسْبَابِ الْإِخَاءِ: التَّجَانُسُ فِي حَالٍ يَجْتَمِعَانِ فِيهَا وَيَأْتَلِفَانِ بِهَا، فَإِنْ قَوِيَ التَّجَانُسُ قَوِيَ الِائْتِلَافُ بِهِ وَإِنْ ضَعُفَ كَانَ ضَعِيفًا مَا لَمْ تَحْدُثْ عِلَّةٌ أُخْرَى يَقْوَى بِهَا الِائْتِلَافُ. وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِائْتِلَافَ بِالتَّشَاكُلِ، وَالتَّشَاكُلُ بِالتَّجَانُسِ، فَإِذَا عُدِمَ التَّجَانُسُ مِنْ وَجْهٍ انْتَفَى التَّشَاكُلُ مِنْ وَجْهٍ، وَمَعَ انْتِفَاءِ التَّشَاكُلِ يُعْدَمُ الِائْتِلَافُ. فَثَبَتَ أَنَّ التَّجَانُسَ، وَإِنْ تَنَوَّعَ، أَصْلُ الْإِخَاءِ وَقَاعِدَةُ الِائْتِلَافِ. وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» . وَهَذَا وَاضِحٌ وَهِيَ بِالتَّجَانُسِ مُتَعَارِفَةٌ، وَبِفَقْدِهِ مُتَنَاكِرَةٌ. وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: الْأَضْدَادُ لَا تَتَّفِقُ، وَالْأَشْكَالُ لَا تَفْتَرِقُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: بِحُسْنِ تُشَاكِلْ الْأَخَوَانِ يَلْبَثُ التَّوَاصُلُ. وَلِبَعْضِهِمْ: فَلَا تَحْتَقِرْ نَفْسِي وَأَنْتَ خَلِيلُهَا ... فَكُلُّ امْرِئٍ يَصْبُو إلَى مَنْ يُشَاكِلُ وَقَالَ آخَرُ: فَقُلْتُ: أَخِي قَالُوا: أَخٌ مِنْ قَرَابَةٍ ... فَقُلْتُ لَهُمْ: إنَّ الشُّكُولَ أَقَارِبُ نَسِيبِي فِي رَأْيِي وَعَزْمِي وَهِمَّتِي ... وَإِنْ فَرَّقَتْنَا فِي الْأُصُولِ الْمُنَاسِبُ ثُمَّ يَحْدُثُ بِالتَّجَانُسِ الْمُوَاصَلَةُ بَيْنَ الْمُتَجَانِسَيْنِ، وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ مَرَاتِبِ الْإِخَاءِ. وَسَبَبُ الْمُوَاصَلَةِ بَيْنَهُمَا وُجُودُ الِاتِّفَاقِ مِنْهُمَا فَصَارَتْ

1 / 162