Adabka Dunida iyo Diinta

Al-Mawardi d. 450 AH
125

Adabka Dunida iyo Diinta

أدب الدنيا والدين

Daabacaha

دار مكتبة الحياة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1407 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Suufinimo
الْمَيْسُورِ. فَإِنَّ اتِّبَاعَ الْمَيْسُورِ أَدْوَمُ، وَحَذْفَ الْمَعْسُورِ أَسْلَمُ، وَتَرْكَ التَّسَلُّطِ أَعَطْفُ عَلَى الْمَحَبَّةِ، وَابْتِغَاءَ الْحَقِّ أَبْعَثُ عَلَى النُّصْرَةِ. وَهَذِهِ أُمُورٌ إنْ لَمْ تَسْلَمْ لِلزَّعِيمِ الْمُدَبِّرِ كَانَ الْفَسَادُ بِنَظَرِهِ أَكْثَرَ، وَالِاخْتِلَافُ بِتَدْبِيرِهِ أَظْهَرَ. رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ أَشْرَكَهُ اللَّهُ فِي سُلْطَانِهِ فَجَارَ فِي حُكْمِهِ» . وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ الْمُلْكُ يَبْقَى عَلَى الْكُفْرِ وَلَا يَبْقَى عَلَى الظُّلْمِ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: لَيْسَ لِلْجَائِرِ جَارٌ، وَلَا تَعْمُرُ لَهُ دَارٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ صَرْعَةُ الظَّلُومِ، وَأَنْفَذُ السِّهَامِ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ. وَقَالَ بَعْضُ حُكَمَاءِ الْمُلُوكِ: الْعَجَبُ مِنْ مَلِكٍ اسْتَفْسَدَ رَعِيَّتَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ عِزَّهُ بِطَاعَتِهِمْ. وَقَالَ أَزْدَشِيرُ بْنُ بَابَكَ: إذَا رَغِبَ الْمَلِكُ عَنْ الْعَدْلِ رَغِبَتْ الرَّعِيَّةُ عَنْ طَاعَتِهِ. وَعُوتِبَ أَنُوشِرْوَانَ عَلَى تَرْكِ عِقَابِ الْمُذْنِبِينَ فَقَالَ: هُمْ الْمَرْضَى وَنَحْنُ الْأَطِبَّاءُ فَإِذَا لَمْ نُدَاوِهِمْ بِالْعَفْوِ فَمَنْ لَهُمْ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي: عَدْلُ الْإِنْسَانِ مَعَ مَنْ فَوْقَهُ، كَالرَّعِيَّةِ مَعَ سُلْطَانِهَا، وَالصَّحَابَةِ مَعَ رَئِيسِهَا. فَقَدْ يَكُونُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: بِإِخْلَاصِ الطَّاعَةِ، وَبَذْلِ النُّصْرَةِ، وَصِدْقِ الْوَلَاءِ. فَإِنَّ إخْلَاصَ الطَّاعَةِ أَجْمَعُ لِلشَّمْلِ، وَبَذْلَ النُّصْرَةِ أَدْفَعُ لِلْوَهَنِ، وَصِدْقَ الْوَلَاءِ أَنْفَى لِسُوءِ الظَّنِّ. وَهَذِهِ أُمُورٌ إنْ لَمْ تَجْتَمِعْ فِي الْمَرْءِ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ مَنْ كَانَ يَدْفَعُ عَنْهُ وَاضْطُرَّ إلَى اتِّقَاءِ مَنْ يَتَّقِي بِهِ كَمَا قَالَ الْبُحْتُرِيُّ: مَتَى أَحْوَجْت ذَا كَرَمٍ تَخَطَّى ... إلَيْك بِبَعْضِ أَخْلَاقِ اللِّئَامِ وَفِي اسْتِمْرَارِ هَذَا حَلُّ نِظَامٍ جَامِعٍ، وَفَسَادُ صَلَاحٍ شَامِلٍ. وَقَالَ إبرويس: أَطِعْ مَنْ فَوْقَك، يُطِعْك مَنْ دُونَك. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرْضَى عَنْ خَلْقِهِ إلَّا بِتَأْدِيَةِ حَقِّهِ، وَحَقُّهُ شُكْرُ النِّعْمَةِ، وَنُصْحُ الْأُمَّةِ، وَحُسْنُ الصَّنِيعَةِ، وَلُزُومُ الشَّرِيعَةِ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ عَدْلُ الْإِنْسَانِ مَعَ أَكْفَائِهِ وَيَكُونُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: بِتَرْكِ الِاسْتِطَالَةِ، وَمُجَانَبَةِ الْإِدْلَالِ، وَكَفِّ الْأَذَى؛ لِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِطَالَةِ آلَفُ، وَمُجَانَبَةَ الْإِدْلَالِ أَعْطَفُ، وَكَفَّ الْأَذَى

1 / 140