التعديل لأنه شهد بأمرٍ خاصّ وَعلم من باطن الحال ما لم يعلمه من شهد بظاهرها، وهو جَمعٌ بين الشاهدتين حتى لا يكون تكذيبًا لإحْداهما لأن للمعدِّل شهَادةً بظاهرٍ صحيحةٌ وللمجرّح شهادة بباطنٍ صحيحة، فالجمعُ بينهما معَ العمل بشهادة المجرح لا يكون تكذيبًا لشهادة المعدّل لأن كل واحد منهما شهد بما علم، وإن قلنا بترْجيح المعدّلِ فوجهه أن الجُرحَ أمر طار عليه مخالفٌ للأصل المستصْحب وهو العدالة.
وذكر بعْض القصاص أن الإسراء كانَ في رجب (١) وذلك
_________
(١) نقل هذا عن المصنف الحافظ ابن حجر في رسالته السابقة (الصفحة ٣) وأقره. بل الواجب تبين هذا للناس بكل وسيلة ممكنة، وفي كل مناسبة. والله المستعان. (ن) .
أقول: ومن ذلك يعلم أن الاحتفال بليلة الإسراء في رجب إنما هو معتمد على الكذب، بشهادة هذين الحافظين الجليلين، فلا يغتر أحد بما اشتهر في العصور المتاخرة أنه كان في السابع والعشرين من رجب.
على أن الاحتفال المذكور غير مشروع من أصله لأنه محدث لم يكن عليه عمل السلف مثل باقي الاحتفالات، والذكريات سواء كانت بما يفرح أو يحزن. فلا يجوز الترويج لذلك بأي وسيلة كانت كالتحدث والكتابة عن الليلة في شهر رجب، وخصوصًا في السابع والعشرين منه، لما في ذلك من التضليل والتأييد للكذب بإيهام الناس أن الإسراء كان في رجب، وأنه يُشْرع الاحتفال به.
1 / 53