300

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

Daabacaha

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Daabacaad

السادسة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

Noocyada

أهل العلم، إلاّ أن مالكًا لم يوقّت مرة ولا ثلاثًا، قال: إنما قال الله: ﴿فاغسلوا وجوهكم﴾ (١).
ومثله التراويح عند الظاهرية، الأمر بها مطلق من جهة العدد، وفي الحديث عن عائشة ﵂ أنها قالت: "لم يكن النبي ﷺ يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة" (٢) أكثر الأئمة على عدم الوقوف عند هذا العدد، فاختار أحمد والشافعي وأبو حنيفة ثلاثًا وعشرين لفعل عمر، واختار مالك تسعًا وثلاثين كعمل أهل المدينة، ولم يقل أحد من متقدمي علماء الأمة بالوقوف عندما فعله ﷺ فيما نعلم ما عدا بعض الظاهرية (٣). قال النووي: "قال القاضي: ولا خلاف أنه ليس في ذلك حدّ لا يزاد عليه ولا ينقص منه. وإن صلاة الليل من الطاعات التي كلما زاد فيها زاد الأجر، وإنما الخلاف في فعل النبي ﷺ وما اختاره لنفسه" (٤).
ووجه ما رآه الأئمة الأربعة أن الأمر الوارد من الله تعالى مطلق، يتأدّى بالتهجد بأي عدد كان. وما فعله ﷺ لا يزيد عن أن يكون اختار عددًا يناسبه، ثم حافظ عليه، لأنه "كان عَمَلُه دِيمَة". فلا يدل ذلك على وجوب ما اختاره من العدد، ولا استحبابه. قال الشافعي: "رأيت الناس يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين، وبمكة بثلاث وعشرين، وليس في شيء من ذلك ضيق" (٥).
الفرق بين دلالة الفعل البيانيّ ودلالة الفعل الامتثاليّ:
الفعل البيانيّ مقصود به البيان وإظهار المراد بالمجمل، وذلك نوع من التعليم. فالأصل أن يُعْتَنى به مزيد عناية. فإن كان بيان واجب، فلا يعمل فيه بالرخص والتيسيرات التي يمكن أن تفهم على غير وجهها. ولا يضاف إليه ما هو مستحب وليس بواجب.

(١) المغني ١/ ١٣٩
(٢) مسلم ٦/ ١٨ والبخاري.
(٣) يلمح من كلام ابن حزم أنه يرى التقييد بالصور الواردة في صلاة الليل. انظر المحلى ٣/ ٤٢
(٤) شرح صحيح مسلم ٦/ ١٩
(٥) ابن حجر: فتح الباري ٤/ ٢٥٣

1 / 309