Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Noocyada
هاتان الجملتان واردتان مورد البيان للجملة السابقة، فهما مبينتان لما أريد من سوء العذاب الذي كان فرعون وقومه يأخذون به بني إسرائيل. و {يذبحون} من التذبيح الدال على كثرة الذبح الذي هو إزهاق الروح بإصابة الحلق. والأبناء: الأطفال الذكور. والاستحياء: الاستبقاء. والنساء: اسم جمع واحده امرأة، وأطلق على البنات؛ لأنهن يصرن نساء، وأطلق عليهن الاسم الذي يصرن إليه؛ لأن انتفاع آل فرعون باستخدامهن إنما يعظم عندما يصرن نساء. والمعنى: أن آل فرعون يقتلون ذكرانكم، ويستبقون إناثكم أحياء. وفي استبقاء الإناث عذاب من جهة إبقائهن خدما، وإذاقتهن حسرة ذبح إخوتهن من الذكور. وكان فرعون يذبح أطفال بني إسرائيل مخافة # أن ينشأ فيهم من يناوئ سلطانه، ويعمل لتقويض أركان عرشه، وقد وقع ما تخوف منه؛ إذ نهض موسى- عليه السلام - ببني إسرائيل، وسار بهم في طريق النجاة، فسقط عرشه، ومات غريقا، ونجي ببدنه ليكون لمن خلفه آية.
{وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم}:
البلاء في الأصل: الاختبار والامتحان، ويكون في الخير والشر. قال تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} [الأنبياء: 35]. وقال تعالى: {وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون} [الأعراف: 168]. فالله يبتلي الناس بالسراء ليشكروا، ويبتليهم بالضراء ليصبروا، أو ليقلعوا عما يتعرضون له من سخطه وأليم عقابه. والمتبادر من نظم الآية أن المشار إليه بقوله: {وفي ذلكم} هو سوء العذاب الذي كان فرعون يسومهم إياه. ونسبة البلاء إلى الله إذ قال: {من ربكم} من جهة أنه سلط عليهم آل فرعون. ووصف البلاء بالعظم، فقال: {عظيم}؛ لأن تذبيح الأبناء واستحياء البنات من أعظم البلاء الذي ينزل بالأمة على أيدي أعدائها.
{وإذ فرقنا بكم البحر}:
الفرق: الفصل بين الشيئين، يقال: فرق كذا؛ أي: فصل بعضه عن بعض.
و {البحر}: الماء الكثير مجتمعا بمكان، ملحا كان أم عذبا. والواقعة تقتضي أنه بحر يصل مصر بالأرض المقدسة. وقال المفسرون: هو بحر القلزم "البحر الأحمر".
Bogga 96