Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Noocyada
يطلق العقل على قوة في النفس تستعد بها لقبول العلم، ويطلق على إدراك الأشياء بتلك القوة. فمعنى {أفلا تعقلون}: أليس لكم إدراك يزجركم عن ارتكاب ما لا يليق من الأفعال؟! ومن ألطف أساليب الخطاب: أن يكون للموجه إليه النصيحة صفة شأنها أن تنساق به إلى خير، ولكنه يفعل # فعلا لا يناسب تلك الصفة، فيقع صدوره منه موقع الاستغراب، فيذكر له مسدي النصيحة تلك الصفة في معرض الاستفهام، وهو إنما يريد تذكيره بأن ذلك العقل ليس من شأنه أن يلتقي مع تلك الصفة في نفس واحدة، كما قال تعالى: {أفلا تعقلون}. فالمخاطبون يعقلون؛ أي: يدركون الأشياء، وبهذا الإدراك توجه إليهم التكليف بالعقائد والشرائع، ولكنهم لم يجروا على مقتضى ما لديهم من عقل؛ حيث كانوا يأمرون الناس بالخير، وينصرفون عنه بأنفسهم، فكأنه يقول لهم: إن ما أتيتم به فعل لا يلتئم بصفة العقل، يوحي إلى الناظر أن ليس لكم إدراك يمنعكم من ارتكاب ما لا يختلف في قبحه اثنان.
{واستعينوا بالصبر والصلاة}:
أمر الله بني إسرائيل فيما سلف من الآيات بالإيمان، وإقامة الشرائع، ومخالفة الأهواء الداعية إلى كتم الحق وخلطه بالباطل، ولما كان فيما أمرهم به مشاق لا يحتملها كل أحد بسهولة، أرشدهم في هذه الآية إلى ما يقوي عزائمهم، ويخفف عنهم أعباء تلك التكاليف، فقال تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة}.
الاستعانة: طلب المعونة . والصبر: حبس النفس على ما تكره، وكفها عن أهوائها، فيقال: صبر على الطاعة؛ أي: حبس نفسه عليها متحملا ما يلاقيه في أدائها من مشاق، وصبر عن المعصية؛ أي: كف نفسه عما تنزع إليه من شهوات جامحة.
Bogga 88