Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Noocyada
الرب: الخالق المنعم. والمعنى: قل يا محمد لأهل الكتاب: أتجادلوننا # في دين الله بدعوى أنكم أولى به من المسلمين، والحال أنه خالقنا المنعم علينا، وخالقكم المنعم عليكم، فنحن وأنتم في العبودية له سواء، وهو أعلم حيث يوحي بدينه الحق، فلا وجه لدعوى اختصاصكم به.
{ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم}:
لكل فريق منا أعمال يختص بما يترتب عليها من ثواب أو عقاب، فكما أنا نتساوى في العبودية له تعالى، نتساوى في استحقاق الجزاء على الأعمال الصادرة منا.
{ونحن له مخلصون}:
{مخلصون}: من الإخلاص، وهو أن يقصد بالعمل وجه الله وحده. وقد وردت في تعريفه عبارات نبه بها على بعض علاماته، فقالوا: هو أن يعمل الإنسان في الباطن كما يعمل في الظاهر، وقالوا: هو أن يكتم حسناته كما يكتم سيئاته، وقالوا: لا يبلغ الإنسان حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمد على عمل. ولم يصف المسلمون أعمالهم بالحسن، ولا أعمال المخاطبين بالسوء؛ تجنبا لنفور المخاطبين من سماع خطابهم، بل أوردوا كلامهم مورد قوله تعالى: {لكم دينكم ولي دين} [الكافرون: 6]، كما أنهم لم يقولوا: ونحن مخلصون، وأنتم غير مخلصين، بل اقتصروا على نسبة الإخلاص لأنفسهم، وفي ذلك تعريض لطيف بأن المخاطبين غير مخلصين لله؛ فإن إخبار الإنسان باشتراكه مع جماعة في أمر أو أمور، وإفراد نفسه بعد ذلك بأمر، يومئ إلى أن هذا الأمر الذي أثبته لنفسه خاصة معدوم في أولئك الجماعة. فمعنى الجملة: ونحن مخلصون في أعمالنا لله وحده، ولم نخلطها بشيء من الشرك كما فعل غيرنا.
Bogga 254