عليه، ومجازاته له على كفره، وعدم الاستمساك بعُرا طاعته.
وقال: ﴿عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾، ولم يقل: عدو له، أو لهم؛ ليدل على أن عداوة كل واحد ممن اشتملت الآية على ذكرهم كفر. والمعنى: أن من عادى الله، أو ملَكًا من ملائكته، أو رسولًا من رسله، فقد كفر، وباء بعداوة الله له، ومن باء بعداوة الله، فجزاؤه الخزي وعذاب الحريق.
﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾:
تستعمل الآية بمعنى: المعجزة، وتطلق على جماعة حروف وكلمات من القرآن.
وقوله: ﴿أَنْزَلْنَا﴾ يجعل ﴿آيَاتٍ﴾ ظاهرة في هذا المعنى، فآيات القرآن بَيِّنات؛ أي: واضحة الدلالة على معانيها، فمن تعسف في تأويلها، وأتى بما لا تألفه العقول الراجحة، فقد خرج بها عن أن تكون آيات بينات.
﴿وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ﴾:
الفاسق: من الفسوق، وهو الخروج من شيء إلى آخر، ويستعمل في الكفر والمعصية؛ لأنه خروج من فطرة الله التي هي حق وصلاح إلى ما هو باطل وفساد. والفسق إن كان بالمعصية، فهو أعظمها، وإن كان بالكفر، فهو أعظم الكفر. ومعنى الجملة: ما يكفر بهذه الآيات البينات إلا الماردون على الكفر؛ ذلك أنها واضحة الدلالة بوجوه إعجازها على أنها تنزيل من رب العالمين، فمن تدبرها، أفضت به إلى الإيمان الصحيح لا محالة.
﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾:
أفادت هذه الآية: أن من عادة اليهود نقض العهود. والاستفهام في قوله تعالى: ﴿أَوَكُلَّمَا﴾ للإنكارة بمعنى: ما كان ينبغي. ﴿عَاهَدُوا عَهْدًا﴾: