Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Noocyada
{ومن}: استفهام يراد منه النفي، والمعنى: لا أظلم. و (المساجد) جمع مسجد، وهو المكان الخاص للعبادة، مأخوذة من السجود، وهو وضع الجبهة على الأرض خضوعا لله وتعظيما. وذكر اسم الله كناية عما # يؤدى فيها من العبادات؛ إذ لا تكاد عبادة تخلو من ذكر اسمه تعالى. والسعي في الأصل: المشي بسرعة، ويستعمل في معنى الطلب والعمل. والخراب: ضد العمارة، وهو التهدم، ويستعار لمعنى تعطيل المكان وخلوه مما وضع له.
ومعنى الآية: لا أحد أظلم ممن حال بين المساجد وبين أن يعبد فيها الله، وعمل لخرابها بالهدم؛ كما فعل الرومان ببيت المقدس، أو بتعطيلها من العبادة؛ كما فعل كفار قريش، فهو مفرط في الظلم، بالغ فيه أقصى غاية.
ولا يتوهم متوهم أن بين هذه الآية وبين قوله تعالى: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا} [الأنعام: 21]، وقوله تعالى: {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها} [السجدة: 22] تناقضا، إذ ليس في الآيات الثلاث سوى نفي أن يكون ظالم أظلم {ممن منع}، أو {ممن افترى}، أو {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها} [الكهف: 57]. فمفاد الآيات: لا أحد أشد ظلما من هؤلاء الطوائف الثلاث. وهذا صادق عند تساويهم في الإفراط في الظلم، وبلوغهم فيه إلى ما ليس وراءه ظلم.
{أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين}:
{ما كان لهم}: ما ينبغي لهم. والمعنى: ما ينبغي لأولئك الذين يحولون بين المساجد وذكر الله، ويسعون في خرابها أن يدخلوها إلا بخشية من الله، ولكن قست قلوبهم، وزين لهم الشيطان الكفر والعصيان، فسعوا في طمس مظاهر الهداية وانقطاع ذكر الله عنها، وهو السراج الذي يجعل الأرض مشرقة بنور ربها.
Bogga 210