137

Acmal Kamila

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Tifaftire

علي الرضا الحسيني

Daabacaha

دار النوادر

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1431 AH

Goobta Daabacaadda

سوريا

Noocyada

توبتهم لا تتم ولا تقبل إلا بقتل أنفسهم، وظاهر الآية: أنه أمرهم بقتل أنفسهم؛ أي: إزهاق أرواحهم، وهذا صادق بقتل بعضهم بعضًا، كما قال تعالى: ﴿فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ [النور: ٦١]؛ أي: فليسلم بعضكم على بعض، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [الحجرات: ١١]؛ أي: لا يلمز بعضكم بعضًا. وإنما أمرهم موسى بقتل أنفسهم على وجه التبليغ عن الله، إذ مثلُ هذا الأمر لا يصدر إلا عن وحي. ولم يزل هذا المعنى في ضمن التوراة التي يتدارسها اليهود إلى اليوم. ومما جاء فيها: "دعا موسى إليه من يرجع إلى الرب، فأجابه بنو لاوي، فأمرهم بأن يأخذوا السيوف، ويقتل بعضهم بعضًا، ففعلوا". ومما نراه قريبًا في فهم القصة من الآية أن يكون بنو إسرائيل الذين عبدوا العجل، ثم ندموا على ما فعلوا، قد أمروا بقتل أنفسهم على أن يكون ذلك القتل متممًا لتوبتهم، وأسلموا أنفسهم للقتل، وقتل منهم طائفة أحرزوا فضل الشهادة، ثم إن الله تعالى رفع عنهم القتل كما ورد في بعض الروايات، وعفا عمن بقوا أحياء، وذلك معنى قوله تعالى:
﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ﴾:
اسم الإشارة ﴿ذَلِكُمْ﴾ عائد إلى التوبة والقتل المفهومين مما تقدم. وقال: ﴿عِنْدَ بَارِئِكُمْ﴾ وقد تقدم ذكره قريبًا ﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ﴾، والمعروف في مثل هذا الموضع أن يكتفى بالضمير فيقال: عنده، ولكن قوانين البيان البارع تأذن في العدول عن الضمير إلى تكرير الاسم الظاهر متى أعطى الاسم الظاهر فائدة لا يعطيها الضمير، وهي أنه قال: ﴿عِنْدَ بَارِئِكُمْ﴾؛ ليؤكد في نفوس المخاطبين ذلك المعنى الذي ينبئ به الاسم الظاهر، وهو أنه أوجدهم

1 / 103