التحكيم بمجرَّده حتى ينتفي [٢٧/ب] عن صدورهم الحرجُ والضيقُ عن قضائه وحكمه، ولم يكتفِ منهم أيضًا بذلك حتى يسلِّموا تسليمًا، وينقادوا انقيادًا (^١).
وقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦]. فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه وقضاء رسوله، ومن يختَرْ (^٢) بعد ذلك فقد ضلَّ ضلالًا مبينًا (^٣).
وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: ١]. أي لا تقولوا حتى يقول، ولا تأمروا حتى يأمر، ولا تُفتوا حتى يُفتي، ولا تقطعوا أمرًا حتى يكون هو الذي يحكُم فيه ويمضيه (^٤). روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة (^٥). وروى العوفي عنه قال: نُهُوا أن يتكلَّموا بين يدي كلامه (^٦).
والقول الجامع في معنى الآية: لا تعجلوا بقول أو فعل (^٧) قبل أن يقول
(^١) انظر نحوه في "الصواعق" (٣/ ٨٢٨) و"زاد المعاد" (١/ ٣٩).
(^٢) س، ت: "تخيّر"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(^٣) انظر نحوه في "الرسالة التبوكية" (ص ٤٠) و"الزاد" (١/ ٤٠) و"المدارج" (٢/ ١٨٥).
(^٤) وانظر: "إغاثة اللهفان" (١/ ١١) و"الصواعق" (٣/ ٩٩٧) و"المدارج" (٢/ ٣٦٧).
(^٥) رواه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (٧١٥)، وابن جرير في "جامع البيان" (٢١/ ٣٣٥)، وأبو نعيم في "الحلية" (١٠/ ٣٩٨)، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام" (٢٦٦).
(^٦) رواه ابن جرير في "جامع البيان" (٢١/ ٣٣٦).
(^٧) ع: "ولا فعل"، وكذا في النسخ المطبوعة.