Calanka Fikirka Islaamka ee Casriga Cusub
أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث
Noocyada
له ثبت الحق الصريح من العلى
وتاريخه حق لنعمان ثابت
1252
وقد اشتهر بأنه السيد خير الدين نعمان أبو البركات ابن السيد محمود عبد الله الآلوسي كما تقدم، ولم ينبت منه العذار إلا وجمع من الفضائل ما يسعه أسفار، ولم يبلغ سن العشرين إلا وصار من الأساتذة المعتبرين، أخذ العلم عن والده المبرور وعن أجلة تلامذته ممن كان بالفضل مشهورا، وقد أجازه العلماء الأعلام والمشايخ العظام بجميع العلوم من منطوق ومفهوم، وجمع من الأسانيد والأثبات ما لم يجتمع عند غيره من ذوي الفضائل والكمالات، وقد اقتحم مشاق الأسفار لذاك، وطوى شقق البعاد لما هناك، له المحبة التامة بالعلم وذويه، والشغف الوافر بالفضل وحامليه، لا سيما ما كان عليه السلف الصالح، من الطريق المستقيم الواضح، فقد طوى قلبه على محبتهم، وسلوك نهجهم وطريقتهم، فأحيا ذكرهم بعد اندراسه، وأوقد مصباح هديهم بعد انطفاء نبراسه، سيف الله المسلول على أهل البدع والأهواء، والبلاء المبرم على من خالف الشريعة الغراء، ولا يجنح في الغالب لتأويل، ولا يميل إلى زخرف الأقاويل، فهو سلفي العقيدة، آمر بالمعروف، ناه عن المنكر، صادع بالحق؛ فلذا كثر معاندوه، وخصماؤه وحاسدوه، فإن الحق صعب على المغلوب، وترك مألوف العوائد تأباه القلوب، وكان في الوعظ لا يشق له غبار، ولا يدرك في مضمار، فهو كالسيل المنحدر، والغيث المنهمر، فهو كما قال القائل:
إذا ما رقي للوعظ ذروة منبر
لخطبته فالكل مصغ ومنصت
فصيح عن الشرع الإلهي ناطق
وعن كل مذموم من القول صامت
تولى أيام شبابه بعض المناصب العلية، فكان فيها محمود السيرة، حتى ترك جميع ألسنة الناس تلهج بالثناء عليه، ثم ترك ذلك وسافر إلى بيت الله الحرام، وزيارة قبر رسوله عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام، ثم عاد إلى وطنه واشتغل بالتدريس والتأليف ، ثم سافر إلى دار الخلافة عن طريق الشام، واجتمع بغالب هاتيك الديار الأعلام، فاستجاز وأجاز، ومر أيضا على مصر لأجل طبع تفسير والده، واجتمع هناك أيضا بأفاضلها ومشاهير علمائها ومنهم السيد عبد الهادي الإبياري عليه الرحمة، فلما وصل إلى القسطنطينية ألقى بها عصا التسيار، فعومل هناك أحسن معاملة، وأحلوه من الاحترام محله، وبعد أن نال مقاصده عاد إلى وطنه قرير العين، بعد أن أقام في تلك الديار نحو سنتين، وعند ذلك مدحه الشعراء، وأثنى عليه الأدباء، ثم انتصب للتدريس في المدرسة المرجانية، ونشر الفضائل والسنن النبوية، وكان قد جمع ما جمع من الكتب النادرة فأوقفها على تلك المدرسة، فهي إلى اليوم محفوظة فيها، لم يزل المستشرقون يزورونها ويستكتبون منها ما ندر وجوده في غيرها، كانت هذه المدرسة مهجورة نعبت البوم في أكنافها، حتى أعادها كما كانت أيام منشيها.
ألف كتبا عديدة، وتصانيف مفيدة، منها: حاشية على شرح القطر لمصنفه، أكمل بها حاشية والده، وقد اشتملت على تحقيقات، ومنها: كتاب الشقائق، واسمه شقائق النعمان على شقاشق ابن سليمان، وابن سليمان هذا كان من متصوفة بغداد، اسمه داود، أصله من عانات، كان داعية للبدع، ألف رسالة دعا بها العوام إلى الغلو في أهل القبور، وقد قرظ الشقائق شاعر عصره عبد الباقي أفندي العمري بأبيات منها:
Bog aan la aqoon