Calanka Fikirka Islaamka ee Casriga Cusub
أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث
Noocyada
وكان الذي استظهرناه يومئذ في تأويل ذلك الإيجاز الشديد في بعض هؤلاء المترجمين وقلة عددهم جميعا، ما يؤيده عارفو الفقيد من أنه كان ينتوي المضي في إتمام كتابه على الوجه الشامل، ثم خشي ألا يستطيع الصراحة في ترجمة من كانت له بهم أو ما تزال لأسرهم به صلات مودة، فطوى دفتره، وآثر من الصمت ما هو الأشبه بكرمه وكرامته.
ولما تألفت «لجنة نشر المؤلفات التيمورية» بعد ذلك، وأعملت يد التنقيب فيما خلف الفقيد من دفاتر وكراسات وأوراق، تبين لها أن ذلك الدفتر الذي طبع محتواه من التراجم من قبل ليس إلا جزءا من كل، فإنها عثرت على تراجم أخرى لنخبة من الأعلام العرب، في الشرق والغرب، من أهل الشام والعراق، ومن أهل الحجاز وحضرموت، ومن أفارقة تونس والجزائر والمغرب، وبضم هؤلاء وهؤلاء أصبح عدد المترجمين مائة إلا أقلها.
بان لنا إذن أن المؤلف كان من همه وعزمه أن يجعل كتابه سمطا ينتظم أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث، ناظرا إلى الوطن العربي أجمع نظرته إلى وحدة متكاملة، وأنه شرع في التقصي والإعداد، يستكتب ويستخبر، ويستقي وينتقي، وكلما اجتمعت له مادة صالحة يحسن الاكتفاء بها في ترجمة واحد من أولئك الأعلام عمد إلى تحريرها وتدبيجها، وكانت تشغله أشتات الشواغل في عديد المسائل عن التجرد للكتاب ينجزه، أو كان ينتظر المزيد من التعرف لهذا من المترجمين أو ذاك.
ومضى - نور الله ضريحه - عن دفتره الأول، والأوراق التابعة له واللاحقة به، لم تبلغ من نظره مبلغ التمام.
ورأت «لجنة نشر المؤلفات التيمورية» بين يديها حصيلة وافرة من التراجم، منها ما فرغ المؤلف من إعداده مكتوبا بخطه، ومنها ما حصله من هنا وهنالك مكتوبا بخط غيره، وما وافاه به العارفون بالمترجمين من أقربائهم وخاصتهم، ليستعين به حين يكتب الترجمة في الصيغة المرتضاة، وما وجدته اللجنة من التراجم يتفاوت بين قليل وكثير، وبين ما فيه غنية وما لا يشفي الغلة، فاستقر الرأي على أن تخرج اللجنة للناس هذا كله، فإنه مادة تاريخية خليقة أن تسلم من الضياع، وأن يفيد منها رواد البحث والاطلاع.
وربما لاح لقارئ في توزيع المترجمين على المواطن العربية المتعددة أن بعضا من أعلام هذا الموطن أولى به أن يذكر في موطن غيره؛ وذلك لتباين الاعتبارات في تعيين الموطن الذي يعزى إليه: أمسقط رأسه؟ أم البلد الذي انتمت إليه أصوله؟ أم الأفق الذي تألق فيه نجمه؟ والحق أن المواطن العربية كانت تتهادى أعلامها، فكم من حسنة للمشرق في المغرب، وكم من حسنة للمغرب في المشرق، ولطالما كانت عواصم العربية متنقلا لأعلامها في أمس الدابر واليوم الحاضر، وإن ذلك لآية الوحدة الفكرية في العالم العربي والإسلامي، حتى ليحار المرء في تقويم النسبة لبعض المبرزين من المفكرين: أإلى هذا الموطن يعزوهم أم ذاك؟
ولا يملك مطالع منصف إلا أن يحمد في هذا الكتاب لمؤلفه العظيم عاطفته الكريمة لفضلاء معاصريه، تلك العاطفة التي أملت عليه البر بهم والوفاء لهم، وتمكين التاريخ من أن يفسح في صفحاته لحياتهم، وأن يجلوها لأخلافهم، وصلا لماضي الأمة بحاضرها، وتزكية للمثل الكريمة التي ضربها أولئك الأعلام في مناحي العلم والأدب والدين والإصلاح.
فأما «لجنة نشر المؤلفات التيمورية» فحسبها أن تطمئن إلى أنها ناهضة بواجبها نحو إحياء التراث التيموري، ذلك التراث الذي أعجل الموت صاحبه أن يحقق به إرادته الخيرة النبيلة: إرادة النفع العام للعروبة والإسلام في مجالات العلم والقومية والتاريخ.
أعلام مصر
رقم مسلسل
Bog aan la aqoon