ولما دنا وقت التمثيل مثل دوره على عادته، حتى إذا فرغنا من التمثيل، وأردنا الذهاب للمبيت لم يذهب معنا، وسار في طريق آخر مدعيا أنه مصاب بصداع، وأنه في حاجة إلى النزهة.
وقد توالت الساعات، وأقبل الصباح وهو لم يعد، فذهبت إلى الرجل الذي بحث عنك لاعتقادي أن الغيرة دفعته إلى الذهاب إليه، وسألته عنه فقال لي: إنه لم يره.
وعند الظهر اشتد قلقي عليه، فذهبت إلى مدير البوليس وأخبرته بأمره، فقال لي: لقد غرق أمس في الساعة الثانية بعد انتصاف الليل فتى لم نعثر على جثته بعد، ويظهر أنه غرق منتحرا، فقد وجدنا بعض ثيابه عند الجسر، أتريد أن تراها؟
وهنا استرسل كوكليش إلى البكاء وهو يقول: لقد رأيت تلك الملابس فهي ملابسه، وقد صدق من لقبه «بالسيئ البخت.» •••
وهنا توقفت باكيتا عن الحديث، وجعلت تمسح الدموع عن خديها ثم قالت: وما عسى أن أروي لكم بعد ذلك، فإن الكونتيس لم تمت، ولكن الأطباء لبثوا شهرا قانطين من سلامتها، ولم أعلم بعد ذلك إذا كانت بقيت في قيد الحياة، فإني لم أعد أراها.
وأنا كذلك، فقد بقيت شهرا في الفراش، وكاد الأطباء يقنطون من سلامتي أيضا، ثم تغلب شبابي على العلة فشفيت، ولا أزال إلى الآن أبكي فيلكس.
وعند ذلك سمع في المجلس صوت شهيق بالبكاء، فالتفت الناس إلى هذا الباكي، والتفتت باكيتا إليه، فصاحت صيحة لا تصفها الأقلام، وهجمت عليه تعانقه، وركع هذا الباكي أمامها كما يركعون أمام المعبود، فقد كان هو نفس فيلكس الملقب «بالمنحوس»، والذي كانت تندبه باكيتا وتحسبه من الأموات.
الفصل العاشر
وانصرف المدعوون من عند باكيتا، وكلهم معجبون بحكايتها، وباتفاق وجود الذي تبكيه عندها يسمع حكايتها وهي لا تعلم، أما فيلكس فإنه بقي معها، وقد سألته عن حكايته وعن احتجابه كل هذه المدة الطويلة، فروى لها أمره مفصلا وهو كما يأتي:
عندما خرج فيلكس من المرسح، ذهب من فوره وهو بملابس التمثيل إلى منزل البارون دي نيفيل، كي يبحث فيه عن باكيتا.
Bog aan la aqoon