قال: منذ عام.
قال: أتعلم شيئا من طباعه؟
أجاب: بل أعرفه حق العرفان.
قال: أكان قبل مرضه قوي الإرادة؟
أجاب: هذه أخص مميزاته فقد اشتهر بها.
قال: إذا كان الأمر كذلك فإني أتعهد بإنقاذه.
مضى ثلاثة أشهر والطبيب لا يزال في قصر البرنس يجتمع كل يوم بفيلكس، وفيلكس لا يعلم أنه طبيب، بل إنه لم يكن يكترث لشيء في الوجود إلا لتمثاله، وقد اتفق في تلك الليلة أن جميع الأنوار أطفئت في القصر، ولم يبق نور إلا في القسم الذي كان خاصا بإقامة الطبيب في آخر الحديقة.
أما فيلكس فإنه كان قد أطفأ مصباحه، ولكنه لم يكن قد نام بعد، وقد فتح نافذة غرفته أي نافذة محترفه (معمله) فإنه كان يأبى أن ينام إلا في المعمل، وجلس وراءها يتحدث مع صديقه شارنسون، إلى أن قال له شارنسون، أما أنا فلا أريد ذلك، فظهرت علائم الاستياء على فيلكس وقال له: إنك لا تزال عاملا على مخالفتي، فلماذا تريد أن تمنعني عن النزول إلى الحديقة؟
قال: لأن الهواء قد برد، والبرد يؤذيك.
أجاب: بل إني أشعر بالهواء محرقا كأنه خارج من أتون. - إذا كان لا بد لك من الذهاب إلى الحديقة فأذهب وإياك. - كلا فإني أريد أن أكون وحدي، فناداه باسمه بلهجة المتوسل، فأجابه فيلكس قائلا: إنك تعلم يقينا بأني ماضي العزيمة وأن إرادتي لا تغلب. - وأنا أيضا لي مثل قوة إرادتك ومضاء عزيمتك. فاتقدت عينا فيلكس ببارق من الغضب، وقال له: لو علمت أنك تخاطر بصداقتنا بهذا العناد لما أقدمت عليه.
Bog aan la aqoon