Aabaha Shuhadada Xuseen Bin Cali
أبو الشهداء الحسين بن علي
Noocyada
ولم يكن أيسر من حل قضية الحسين على وجه يرضي يزيد، ويمهد له الولاء في قلوب المسلمين ولو إلى حين، لولا ذلك الضغن الممتزج بالخليقة الذي هو كسكر المخمور لا موضع معه لرأي مصيب، ولا لتفكير في عاقبة بعيدة أو قريبة.
فالحسين في أيديهم ليس أيسر عليهم من اعتقاله وإبقائه بأعينهم في مكان ينال فيه الكرامة ولا يتحفز لثورة.
لكنهما لم يفكرا في أيسر شيء، ولا أنفع شيء للدولة التي يخدمانها، وإنما فكرا في النسب المغموز والصورة الممسوخة، فلم يكن لهما من هم غير إرغام الحسين وإشهاد الدنيا كلها على إرغامه.
تلقى ابن زياد من عمر بن سعد كتابا يقول فيه إن الحسين «أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي أقبل منه أو أن نسيره إلى أي ثغر من الثغور شئنا، أو أن يأتي يزيد فيضع يده في يده».
والذي نراه نحن من مراجعة الحوادث والأسانيد أن الحسين ربما اقترح الذهاب إلى يزيد ليرى رأيه، ولكنه لم يعدهم أن يبايعه أو يضع يده في يده؛ لأنه لو قبل ذلك لبايع في مكانه، واستطاع عمر بن سعد أن يذهب به إلى وجهته، ولأن أصحاب الحسين في خروجه إلى العراق قد نفوا ما جاء في ذلك الكتاب، ومنهم عقبة بن سمعان حيث كان يقول: «صحبت الحسين من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى العراق، ولم أفارقه حتى قتل، وسمعت جميع مخاطباته إلى الناس إلى يوم قتله، فوالله ما أعطاهم ما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد، ولا أن يسيروه إلى ثغر من الثغور»، ولكنه قال: «دعوني أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه أو دعوني أذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر إلى ما يصير إليه أمر الناس.» •••
ولعل عمر بن سعد قد تجوز في نقل كلام الحسين عمدا؛ ليأذنوا له في حمله إلى يزيد فيلقي عن كاهله مقاتلته وما تجر إليه من سوء القالة ووخز الضمير، أو لعل الأعوان الأمويين قد أشاعوا عن الحسين اعتزامه للمبايعة ليلزموا بالبيعة أصحابه من بعده، ويسقطوا حجتهم في مناهضة الدولة الأموية.
وأيا كانت الحقيقة في هذه الدعوى فهي تكبر مأثمة عبيد الله وشمر ولا تنقص منها، ولقد كانا على العهد بمثليهما؛ كلاهما كفيل أن يحول بين صاحبه وبين خالجة من الكرم تخامره أو تغالب اللؤم الذي فطر عليه، فلا يصدر منهما إلا ما يوائم لئيمين لا يتفقان على خير.
وكأنما جنح عبيد الله إلى شيء من الهوادة حين جاءه كتاب عمر بن سعد، فابتدره شمر ينهاه، ويجنح إلى الشدة والاعتساف، فقال له: أتقبل هذا منه وقد نزل بأرضك وإلى جنبك! والله لئن رحل من بلادك ولم يضع يده في يدك ليكونن أولى بالقوة والعزة، ولتكونن أولى بالضعف والعجز؛ فلا تعطه هذه المنزلة، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه، فإن عاقبت كنت ولي العقوبة، وإن عفوت كان ذلك لك.
ثم أراد أن يوقع بعمر ويتهمه عند عبيد الله؛ ليخلفه في القيادة، ثم يخلفه في الولاية، فذكر لعبيد الله أن الحسين وعمر يتحدثان عامة الليل بين المعسكرين.
فعدل عبيد الله إلى رأي شمر وأنفذه بأمر منه أن يضرب عنق عمر إن هو تردد في إكراه الحسين على المسير إلى الكوفة أو مقاتلته حتى يقتل. وكتب إلى عمر يقول له:
Bog aan la aqoon