180

Abu Nuwas

أبو نواس: الحسن بن هانئ

Noocyada

فإن لم يكن منكرا للدين على نحو من هذه الأنحاء، فهو مهتم بالدين على أية حال، وليس مكان الدين من باطنه خواء لا يتسع لإيمان ولا إنكار، ولا مناقشة ولا انتظار.

أما اللادينيون فهم مخالفون للجاحدين في هذه الخلة، إذ هم لا يحفلون بالدين ولا ينشطون لقبوله ولا لإنكاره، ولا يشغلون عقولهم به لمحة عين كأنهم ولدوا قبل وجود الأديان فلم يسمعوا بها، ولم يشعروا قط بخاطر من خواطرها، فهم غرباء منقطعون عن هذا الشاغل القوي من شواغل الوجدان.

إن الجاحد قد يكون عدوا أو مهادنا أو على الحيدة بين معسكرين، أما اللاديني فليس هو بعدو ولا مهادن ولا محايد، ومجمل القول فيه: أنه غريب عن الميدان.

وذلك كما تقدم فارق أصيل بين الجاحدين واللادينيين: فمن أي الفريقين كان الشاعر أبو نواس؟

لم يكن عن يقين من اللادينيين؛ لأنه لم ينقطع قط عن اللهج بالأديان، وإن كان ليلهج بها لهجا لا يطيب للمتدينين الصالحين.

وليقل من شاء ما شاء في زندقته ومجونه وعصيانه ولغو لسانه، فإنه بعد كل ما يقال من هذا القبيل بعيد جدا أن يحسب من اللادينيين، الذين صغر مكان الدين من نفوسهم، فلم يشغلهم منه شاغل ولم يكن فيه ولا في أهله ما يهمهم على وجه من الوجوه.

وإذا صرفنا النظر عن نوع اشتغاله بشأن الدين، فليس بين شعراء العربية من عناه هذا الشأن كما عناه؛ إذ هو لم يذكر قط مجلسا من مجالس لهوه، ولا معرضا من معارض غزله إلا أشار معه إلى جوه الديني أو علاقته الدينية، بغير داعية من دواعي الموضوع أو المقام.

ولو ذهبنا نستقصي هذه الإشارات لأوشكنا أن ننقل ديوان غزله ومجونه، ولكننا نجترئ بما يكفي للدلالة على هذه النزعة العجيبة في قريحته ووجدانه.

منها في موعد:

وظباء يتلون سفرا من الإنجي

Bog aan la aqoon