كلا خاليه منتخب يماني
فمن يجحد بك النعمى فإني
بشكري الدهر مرتهن اللسان
وتنطوي هذه اللهفة في نفس إنسان لم تكن المهانة هينة عليه، بل كان تياها بطبيعته «النرجسية»:
لقد زادني تيها على الناس أنني
أراني أغناهم وإن كنت ذا عسر
وكان يهتبل الفرصة للتعالي على الذين يتعالون عليه، فكان يجلس حيث جلس ويتلقى التحية من القادة والرؤساء فلا ينهض لواحد منهم، ولم ينهض لأحد حياه غير أبي العتاهية. وفي هذا أيضا دلالة على دخيلة نفسه من هذا الجانب؛ فقد كان أبو العتاهية من الموالي، وكان في شبابه على زي المخنثين، وكان هو معاصره الوحيد من الشعراء الذي صافاه ولم يقاطعه أو يترفع عنه، ونكاد نرى أن انتماءه إلى والبة في صباه إنما كان لدخيلة كهذه الدخيلة، فإن والبة كان مطعونا في نسبه، وكان أبيض كأبي نواس - أو أشد بياضا - وأبوه أسود كأنه زرزر، كما قال أبو العتاهية:
ما لي رأيت أباك أسود غر
بيب القذال كأنه زرزر
وكأن وجهك حمرة رثة
Bog aan la aqoon