قال: «وما هي العلامة التي تعنيها؟»
قال الضحاك: «علامة تعرف أنها منك.»
فنظر أبو مسلم إلى الضحاك نظرة كشف بها أسرار قلبه كما يكشف أصحاب أشعة «رونتجن» ما وراء الجوامد وقال: «لا أظنها تقنع منك بغير خاتمي.»
قال: «تلك خير علامة نحقق بها ما نهدف إليه.»
فأطرق أبو مسلم كأنه يتردد في عزمه ثم قال: «أتعلم أهمية هذا الأمر؟ أتعلم أني إذا دفعت إليك خاتمي أكون قد سلمت إليك أمري؟»
قال: «أعلم ذلك يا مولاي، ولو علمت أن الأمر يقضى بدونه لفعلته.»
فأخرج أبو مسلم الخاتم من إصبعه ودفعه إليه وهو يقول: «هذا هو. خذه وامض مسرعا، وعد إلي به الليلة؛ فإني لا أبيت بدونه.»
فوقف الضحاك إجلالا، وتناول الخاتم وقبله ووضعه على رأسه وهو يقول: «ربما لا أستطيع لقاء الدهقانة الليلة؛ فآتيك في الصباح ومعي الخاتم، بإذن الله.»
قال: «سر في حراسة الله.»
ثم استأنف الكلام قائلا: «انتظر هنا ريثما أعود إليك.» قال ذلك وخرج من باب سري في تلك الغرفة، وظل الضحاك واقفا وقلبه يفيض سرورا لما توهمه من نجاح أمره، وأصاخ بسمعه لعله يشعر بحركة أو يسمع صوتا يستدل به على شيء، فلم يسمع شيئا، ثم عاد أبو مسلم وهو يقول: «سر يا ضحاك ، وإذا وفقت في خدمتنا كافأناك، ولكن (وخفض صوته) متى استوثقت من موافقة الفتاة لك، دعها لا تتعجل الأمر، بل تنتظر منا إشارة أخرى. فهمت؟»
Bog aan la aqoon