وكان هذا الرجل عنوانا لفشل الحكومة وسقوط هيبتها واعتبارها بين الأهالي. فإذا قامت يوما لتشتيت مظاهرة سلمية أو فض اجتماع وطني، وقف أعداؤها يعيرونها بقولهم: اتشطري انتي على أبو جلدة!
وأصبح أبو جلدة علما، بل علم الأعلام، وتناقلت أخباره صحف أوروبا وأمريكا مكبرة معظمة.
قال أحد كتاب سيرته:
أبو جلدة كنية، واسمه أحمد المحمود، وهو من أهل قرية طحون، ولكل واحد منهم كنية. يبلغ عمره اليوم الستين.
بدأ أعماله في الحياة الدنيا حمالا، ثم صار رئيسا للحمالين.
وفي أيام الحرب الكبرى طلبت الحكومة التركية ابنه للخدمة العسكرية، فأبى تسليمه بحجة أنه وحيده والقانون لا يسمح بتجنيد الوحيد، فأصرت الحكومة، وأصر أبو جلدة وأعلن عليها العصيان، واعتصم بجبال الخليل وجبال نابلس، وقاتل الجيش التركي وقتل كثيرا من رجاله.
وبعد أن خرج الترك والألمان من سوريا وفلسطين عاد أبو جلدة إلى بلده، واشتغل بالزراعة.
وحدث منذ سنتين نزاع بينه وبين بعض أقاربه فقتل ثلاثة منهم، فحاكمته الحكومة، وحكمت عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة. ولكنه لم يلبث في سجنه طويلا، إذ بحث السجانون عنه فلم يجدوه. وطلبته الحكومة فلم تعرف له محلا من الإعراب.
وإلى القارئ بعض ما قالته عنه مجلة «لو» الفرنسوية:
تجاوزت شهرة أبو جلدة حدود ما أحرزه مفتي فلسطين الأكبر، وأصبح معروفا أكثر من مدير المهاجرة والباسبورت المستر جامسون.
Bog aan la aqoon