«لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم» (1). تلك هي القلوب المؤمنة والنفوس الطيبة الطاهرة، التي تحرص على حفظ الشريعة وتطبيقها، مهما تكن نتيجة ذلك.
هؤلاء هم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الذين حفظ لهم التاريخ مآثر خالدة أبد الدهر، وإن رجالا أوتوا من العزيمة والقوة والتضحية، والورع والتقوى - ما عرفنا - جديرون بكل احترام وحب وتقدير. بل إن حبهم واحترامهم واجب على كل مسلم لما جاء فيهم من آيات كريمة وأحاديث شريفة، - رضي الله عنهم وأرضاهم -.
قال عبد الله بن مسعود: «من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأقومها هديا وأحسنها حالا، قوما اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم» (2).
وقال التابعي الجليل إبراهيم بن يزيد النخعي: «لو أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يمسحوا إلا على ظفر ما غسلته التماس الفضل، وحسبنا من إزراء على قوم أن نسأل عن فقههم ونخالفهم» (3)
وقد أجمع السلف والخلف من الأمة الإسلامية على فضل وإخلاص وأمانة الصحابة وعدالتهم، وأختتم الكلام في عدالة الصحابة جميعا بقول الحافظ أبي زرعة الرازي: «إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق , وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم حق , والقرآن حق , وما جاء به حق، وإنما أدى ذلك كله إلينا الصحابة، وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة , والجرح بهم أولى» (3).
Bogga 34