Abu Hanifa iyo Qiimaha Bani'aadamnimada ee Mad-habkiisa
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
Noocyada
17
فما هو إلا أن خرج حتى وردت علي مسائل لم أسمعها منه، فكنت أجيب وأكتب جوابي، فغاب شهرين، ثم قدم، فعرضت عليه المسائل، وكانت نحوا من ستين مسألة، فوافقني في أربعين منها وخالفني في عشرين، فآليت على نفسي ألا أفارقه حتى يموت، فلم أفارقه حتى مات.»
ويروي الخطيب البغدادي أيضا بعد ذلك، أن أبا حنيفة قال: قدمت البصرة فظننت أني لا أسأل عن شيء إلا أجبت فيه، فسألوني عن أشياء لم يكن عندي فيها جواب، فجعلت على نفسي ألا أفارق حمادا حتى يموت، فصحبته ثماني عشرة سنة.
هكذا، رأينا أبا حنيفة يرى حينا أنه صار أهلا للإجابة عن كل ما قد يوجه إليه من سؤال في شريعة الله ورسوله، وتنازعه نفسه حينا أن يعتزل شيخه، ويستقل بحلقة يكون شيخها وإمامها؛ ولكنه لا يلبث أن يعرف أنه لا زال في حاجة لشيخه، وأن من الخير أن يتأنى ولا يتعجل الأيام التي يكون فيها إماما بلا منازع.
ثم تمر الأيام، ويموت شيخه حماد رضي الله عنه عام 119ه، وحينئذ لا يرى أصحابه وتلاميذه غير أبي حنيفة أهلا للجلوس مكان الشيخ، فيقبل كما أشرنا إلى ذلك من قبل.
وهنا نزيد المسألة تفصيلا بالرجوع إلى المناقب للمكي والمناقب للبزاز الكردي.
18
وهذه ليست إلا اختصارا للأولى في شيء من الدقة، وإن كانت تشاركها في الإسراف في تعداد «المناقب» إلى درجة توجب الحذر والفتنة من الباحثين، فيذكرون أنه لما مات حماد، وكان مفتي الناس بالكوفة، رأى أصحابه أن يجلس لهم ابنه إسماعيل مكانه، فكان ما أرادوا حتى لا يندرس العلم، ويموت ذكر الشيخ؛ ولكنهم لما اختلفوا إليه رأوا أن الغالب عليه النحو والشعر وأيام الناس: وحينئذ أجمعوا أن يجلس لهم مكان الشيخ أبو بكر النهشلي، وسألوه ذلك فأبى، وسألوا غيره ذلك أيضا فأبى. فما كان إلا أن ذكروا أبا حنيفة، وقالوا: إنه حسن المعرفة، وسألوه أن يتولى حلقة الشيخ؛ وكان أبو حنيفة رجلا موسرا سخيا ذكيا، فأجابهم وصبر نفسه عليهم، وأحسن مواساتهم وحباءهم، وأكرمه الحكام والأمراء وارتفع شأنه، فاختلفت إليه الطبقة العليا.
ثم جاء بعدهم كثير غيرهم، أمثال: أبو يوسف، وزفر بن الهذيل، وأبو بكر بن الهزلي، والوليد بن أبان، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وداود الطائي، ومحمد بن الحسن الشيباني، ثم كان أن جعل أمره يزداد علوا، وكثر أصحابه حتى كانت حلقته أعظم حلقة في المسجد، وصار هو أوسعهم في الجواب، ولم يزل كذلك حتى استحكم أمره، واحتاج إليه الأمراء، وذكره الخلفاء.
محنته
Bog aan la aqoon