Abu Hanifa iyo Qiimaha Bani'aadamnimada ee Mad-habkiisa
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
Noocyada
تكلمنا، ونحن بصدد الحديث عن البيئة الاجتماعية في هذا العصر، عن أثر «الرق» ووجود الأرقاء في الفقه؛ إذا استتبع وجودهم أحكامهم في مختلف النواحي. والآن نشير إلى أثر هؤلاء الموالي في الفقه من ناحية أخرى، وهي ناحية جدهم في تحصيل العلم بعامة وبروزهم فيه، وذلك إلى درجة تجعلنا نحس أننا مدينون لهم في تأسيس كثير من العلوم الإسلامية وازدهارها.
وهذه ظاهرة نجد من الباحثين من اكتفى بتسجيلها، كما نجد من عني أيضا بتفسيرها، ومن هؤلاء ابن خلدون إذ يقول:
12
وهو يتكلم عن حملة العلم في الإسلام وأكثرهم العجم ما نذكره بتصرف يسير.
من الغريب الواقع أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم إلا القليل النادر، وإن كان منهم العربي نسبته فهو عجمي في لغته ومرباه ومشيخته؛ مع أن الملة عربية، وصاحب شريعتها عربي.
والسبب في ذلك أن الملة في أولها لم يكن فيها علم ولا صناعة لمقتضى أحوال السذاجة والبداوة، وإنما أحكام الشريعة التي هي أوامر الله ونواهيه كان الرجال ينقلونها في صدورهم، وقد عرفوا مأخذها من الكتاب والسنة، بما تلقوه من صاحب الشرع وأصحابه، والقوم يومئذ لم يعرفوا أمر التعليم والتأليف، ولا دفعوا إليه، ولا دعتهم إليه حاجة ، وجرى الأمر على ذلك زمن الصحابة والتابعين ...
ثم كثر استخراج أحكام الواقعات من الكتاب والسنة، وفسد مع ذلك اللسان فاحتيج إلى وضع القوانين النحوية، وصارت العلوم الشرعية كلها ملكات في الاستنباطات والتنظير والقياس، واحتاجت إلى علوم أخرى هي وسائل لها ... فاندرجت في جملة الصنائع، وقد قدمنا أن الصنائع من منتحل الحضر، وأن العرب أبعد الناس عنها، فصارت العلوم لذلك حضرية، وبعد عنها العرب وعن سوقها.
والحضر في ذلك العهد هم العجم أو من في معناهم من الموالي، وأهل الحواضر الذين هم يومئذ تبع في الحضارة وأحوالها من الصنائع والحرف؛ لأنهم أقوم على ذلك؛ للحضارة الراسخة فيهم منذ دولة الفرس ...
وذكر بعد ذلك أن حملة الحديث كان أكثرهم عجما أو متعجمين باللغة والمربى، وكذلك علماء أصول الفقه وعلم الكلام وأكثر المفسرين. ثم قال: وأما العرب الذين أدركوا هذه الحضارة فقد شغلتهم الرياسة في الدولة العباسية وما دفعوا إليه من القيام بالملك، عن القيام بالعلم والنظر فيه ... فهذا الذي قررناه هو السبب في أن حملة الشريعة أو عامتهم من العجم.
ومن الواضح أن مؤسس علم الاجتماع يتكلم هنا عن العصر العباسي الذي قام على أكتاف الموالي، فوصلوا فيه إلى الدرجات العلى في السياسة والوزارة وفي إدارة شئون الدولة؛ ولكنه يصدق بلا ريب على أواخر العصر الأموي؛ أي على التابعين ومن جاء بعدهم؛ وذلك أن أبا إسحاق الشيرازي المتوفى عام 476ه ينقل عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال:
Bog aan la aqoon