سعاة حلال بين غاد ورائح
فهو يأنف من التطفل الاجتماعي أيا كان المتطفلون ولا يبيح القوت إلا لمن يكسبونه ويستحقونه، وهو قد فرق في قصائده ما اجتمع من مبادئ المذهب الاشتراكي في كتب الأساطين ومباحث الدعاة العلميين، وتلك مرتبة ترفعه على أبناء عصره درجات، وتجعله من أئمة الفكر في تاريخ الإصلاح بين الأقدمين والمحدثين.
ثم اقترح الخطيب على سامعيه أن يقفوا جميعا ليشربوا نخب الشاعر الذي جمع من مبادئهم في منظوماته ومنثوراته ما لم يجتمع قط في كلام أحد من الشعراء.
فنهضوا جميعا وشربوا أقداحهم وقوفا، ثم جلسوا يترقبون وقفة الشيخ بينهم ليجيب على التحية والتكريم ويجيب على بحث الخطيب بجديد من مقاله أو قديم، والشيخ لا يعلم أنه مطالب بالوقوف أو مطالب بالتعقيب، حتى نبهه الرسول الذي يصاحبه في كل مكان إلى ما يترقبه القوم، ثم أخذ بيده إلى المنصة فنزل الصمت على الحاضرين، وانقضت هنيهة لم يسمع بعدها إلا شيخ المعرة وهو يقول بصوت رقيق ولكنه ليس بالضعيف: أنتم مشكورون على جميل ثنائكم واحتفائكم بهذا العاجز الماثل بين أيديكم. لكنه حائر في موقفه هذا لا يدري ما تبغونه بمذهب الاشتراكيين أو بمذهب التفسير المادي للتاريخ، فأما قوله:
لو كان لي أو لغيري قدر أنملة
من البسيطة كان الأمر مشتركا
فإنما يعني به التوحيد الإلهي ويريد به أن الناس أغنياءهم وفقراءهم على حد سواء لا يملكون في جانب الله أرضا ولا يستعبدون أحدا، وهو من قوله:
ويقول داري من يقول، وأعبدي
مه؛ فالعبيد لربها والدار
أو هو من قوله:
Bog aan la aqoon