إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت
له عن عدو في ثياب صديق
ثم أبى أن يمتحنها وامتحنتها أنا في كل يوم، وشرب من يدها الخمر لذة للشاربين وكرهت أنا أن أقبل الضيافة من عدو بغيض، ولو لقيته لسألته: ما بالك لم تمتحنها يرحمك الله تركتها محنة لك لا تألوك امتحانا في ليل ولا نهار؟
خذه يا بني إلى جانب قاضيك فما كان لي من أرب في هذا ولا ذاك. •••
فوجم الرسول التلميذ هنيهة، ثم قال وهو يقدم ويحجم: هل أسأل الشيخ عن الفارسي عمر الخيام؟
فهش أبو العلاء وقال: نعم تسأل، فبماذا تخالني مجيبا إن سألت عنه؟
قال التلميذ: أحسب أنني فطنت لاختيار أستاذنا من تلك الشخوص التي عرضت عليه.
إن أستاذنا ليختار الفيلسوف الفارسي وإنه ليرضى عن بحثه وزهده، وإنه ليقنع كما قنع برغيفه وقدحه وحبيبه، وإنه لينظر بعد ذلك في السماوات والأرضين بعلم المنجم وخبرة الحكيم، وإنه ليتبوأ من سيرة الخلف بعد زمانه مكان الهداية والتعليم، لا مكان السمير والنديم!
فبدا على وجه الحكيم الضرير قطوب يسير، ولكنه قطوب الروية والمراجعة لا قطوب الكدر والانقباض، وهمس بين شفتيه كأنه في حديث نجوى: أتراني أكون نسخة منقولة من أحد كائنا ما كان؟
ثم جهر قائلا: كلا يا بني! لقد كنت أختاره لو أنني خيرت فيه قبل ميلادي وميلاده، أما اليوم فما لي في هذا الشبه من أرب: رضي الله عنه فهو أقرب من آثرت وأصعب من أبيت.
Bog aan la aqoon