قال رولف: «حسنا إذن، لننطلق.»
رفع ثيو قدمه عن دواسة التعشيق وانطلق بالسيارة بحرص في الظلام. عندما وصلوا إلى أطراف أستهول، قال: «سنستعير سيارته ونترك سيارتي في مرأبه. إن حالفنا الحظ فلن يصلوا إليه إلا بعد وقت طويل. وأعتقد أن بإمكاني أن أعدكم أنه لن يتكلم.»
مالت جوليان إلى الأمام وقالت: «ألن يعني ذلك تعريض صديقك للخطر؟ يجب ألا نفعل ذلك.»
قال رولف وقد نفد صبره: «سيضطر لأن يغامر بذلك.»
قال ثيو موجها كلامه إلى جوليان: «إن قبض علينا، فلن يجدوا بيننا وبينه أي رابط سوى السيارة. وبإمكانه أن يدعي أنها أخذت أثناء الليل، أننا سرقناها، أو أجبرناه أن يتعاون معنا.»
قال رولف: «ماذا إن رفض التعاون معنا؟ من الأفضل أن أصحبك كي أضمن أن يتعاون.» «بالقوة؟ لا تكن أحمق. لكم من الوقت سيبقى فمه مطبقا بعدها إن فعلت؟ سيتعاون معنا، لكن ليس إن شرعت في تهديده. سأحتاج أن يرافقني شخص واحد. سآخذ ميريام.» «ولماذا ميريام؟» «لأنها تعرف ما ستحتاج إليه من أجل الولادة.»
لم يجادله رولف أكثر. تساءل ثيو إن كان قد تعامل مع رولف بحصافة كافية، ثم شعر بالغيظ من غطرسته التي جعلته مضطرا لتلك الحصافة. لكن عليه بطريقة ما أن يتجنب وقوع مشاجرة. ومقارنة بسلامة جوليان، والأهمية الهائلة لما هم مقدمون عليه، بدا له حنقه المتزايد من رولف رفاهية خطرة رغم تفاهتها. فقد اختار مرافقتهم بإرادته، لكن في الواقع لم يكن أمامه خيار. لم يكن يدين بالولاء إلا لجوليان ولطفلها الذي لم يولد بعد، ولا أحد سواهما.
عندما رفع يده ليضغط على زر الجرس عند البوابة الضخمة الموجودة بالسور، أدهشه أن وجدها مفتوحة. أشار إلى ميريام لتتبعه ودخلا معا. وأغلق البوابة بعد أن دخلا. كان المنزل بالكامل يسبح في الظلام عدا غرفة الجلوس. كانت ستائرها مسدلة لكن يظهر من ورائها بصيص من الضوء. رأى أيضا أن المرأب لم يكن مغلقا؛ فقد كان بابه مرفوعا، وكانت السيارة الرينو الداكنة مركونة بداخله. لم يتفاجأ عندما وجد الباب الجانبي مفتوحا. أضاء نور الردهة، ونادى بصوت خافت، لكن لم يأته أي رد. سار في الممر، وبجواره ميريام، حتى غرفة الجلوس.
ما إن دفع الباب بيده ليفتحه حتى عرف ما سيجده؛ فقد خنقته الرائحة، رائحة نفاذة كريهة كالوباء؛ رائحة الدماء والغوط، رائحة الموت النتنة. لقد جعل جاسبر الفصل الأخير من حياته مريحا. كان يجلس في مقعد بمسندين أمام المدفأة الفارغة، وقد تدلت يداه على مسنديه. كانت الطريقة التي اختارها كارثية ونتيجتها حتمية. فقد وضع فوهة مسدسه في فمه وفجر أم رأسه. وكان ما تبقى منها منكفئا على صدره حيث تشكلت بقعه دماء جافة بنية بدت مثل قيء جاف. كان أعسر فاستقر المسدس على الأرض بجوار الكرسي، تحت طاولة صغيرة مستديرة استقرت فوقها مفاتيح منزله وسيارته، وكأس فارغة وزجاجة نبيذ فرنسي فارغة، وملاحظة مكتوبه بخط اليد، كتب الجزء الأول منها باللاتينية والجزء الأخير بالإنجليزية.
Quid te exempta iuvat spinis de pluribus una?
Bog aan la aqoon