Abkar al-Afkar fi Usul ad-Din
أبكار الأفكار في أصول الدين
Noocyada
وإذا أتينا على ما هو المنقول عن أرباب هذه المذاهب في هذه المسألة ؛ فلا بد من الإشارة إلى طرق عول عليها بعض الأصحاب في المسألة ، والتنبيه على ضعفها ، ثم نبين بعد ذلك ما هو المعتمد إن شاء الله تعالى.
** فمنها
كن فيكون ) (1) ووجه الاحتجاج به أنه أخبر بأن مصدر جميع المخلوقات أمره ، وهو قوله : (كن).
ويلزم من ذلك أن يكون أمره قديما ، وإلا لاستدعى أمرا آخر ، والكلام في ذلك الأمر كالكلام في الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
فإن قيل : ليس المراد من الآية تحقيق الأمر القولى ، وخطاب ما أريد خلقه به ؛ بل المراد به إنما هو تعريف بعود الإرادة ، والمشيئة في المخلوقات ، والتسخير على وفق الإرادة والاختيار ؛ إذ هى حالة تنزل منزلة القول بالأمر ، والنهى. وقد يرد القول بمعنى الحالة ، لا بمعنى الكلام حقيقة ، وإليه الإشارة بقوله تعالى ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ) (2).
وليس المراد من قوله تعالى ( فقال لها ) غير التعبرة عن نفوذ الإرادة في السماء ، والأرض ، وكمال التسخير ؛ فإن خطاب الجماد متعذر باتفاق العقلاء.
وليس المراد من قوله : ( قالتا أتينا / طائعين ) غير التعبرة عن تمام الطواعية ، والانقياد لإرادة الله تعالى ، لا نفس الكلام الحقيقى ؛ إذ هو متعذر في الجمادات قطعا.
ومن ذلك أيضا قال الشاعر :
امتلأ الحوض وقال قطنى
مهلا رويدا قد ملأت بطنى (3)
أضاف القول إلى الحوض ؛ وليس المراد به غير التعبرة عن الحالة ؛ لاستحالة القول في حقه. وأمثال ذلك في النظم ، والنثر كثير.
كما ورد في شواهد العينى على خزانة الأدب 1 / 361.
Bogga 356