299

A Muslim's Creed in Light of the Quran and Sunnah

عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة

Daabacaha

مطبعة سفير

Goobta Daabacaadda

الرياض

Noocyada

كتابه نورًا، ورسوله نورًا، ووحيه نورًا ...
ثم إن ابن القيم ﵀ حذّر من اغترار من اغترّ من أهل التصوف، الذين لم يفرّقوا بين نور الصفات وبين أنوار الإيمان والمعارف؛ فإنّهم لمّا تألّهوا وتعبّدوا من غير فرقان وعلم كامل، ولاحت أنوار التعبد في قلوبهم؛ لأنّ العبادات لها أنوار في القلوب، فظنّوا هذا النور هو نور الذات المقدسة، فحصل منهم من الشطح والكلام القبيح ما هو أثر هذا الجهل والاغترار والضلال.
وأما أهل العلم والإيمان والفرقان فإنهم يفرِّقون بين نور الذات والصفات، وبين النور المخلوق الحسي منه والمعنوي، فيعترفون أن نور أوصاف الباري ملازم لذاته لا يفارقها، ولا يحلّ بمخلوق، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا. وأما النور المخلوق فهو الذي تتصف به المخلوقات بحسب الأسباب والمعاني القائمة بها.
والمؤمن إذا كَمُلَ إيمانه أنار الله قلبه، فانكشفت له حقائق الأشياء، وحصل له فرقان يفرّق به بين الحق والباطل، وصار هذا النور هو مادة حياة العبد وقوته على الخير علمًا وعملًا، وانكشفت عنه الشبهات القادحة في العلم واليقين، والشهوات الناشئة عن الغفلة والظلمة، وكان قلبه نورًا، وكلامه نورًا، وعمله نورًا، والنور محيط به من جهاته.
والكافر، أو المنافق، أو المعارض، أو المعرض الغافل كل هؤلاء يتخبّطون في الظلمات، كل له من الظلمة بحسب ما معه من موادها

1 / 300