...
بيان المعاني
Daabacaha
مطبعة الترقي
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٣٨٢ هـ - ١٩٦٥ م
Goobta Daabacaadda
دمشق
Noocyada
مطلب الفرق بين الوحي والإلهام والأول الوحي المراد بالآية الآنفة الذكر من سورة النجم ويكون هذا الوحي بصوت يتمثل أو يسمعه منه أو يعيه بغير صوت.
والثاني الإلهام وهو وجدان تستيقنه النفس وتنساق إلى ما يطلبه من غير شعور منها من أين أتى، وهو أشبه بوجدان الجوع والعطش والحزن والسرور، وهذا الفرق بين الوحي والإلهام فيدخل في هذا التعريف أنواع الوحي الثلاثة الواردة في قوله تعالى (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) الآية ٥١ من سورة الشورى ج ٢. لاشتمالها عليها فالوحي هنا إلقاء المعنى في القلب ويعبر عنه بالنفث بالروع (أي النفخ الشديد بالقلب والخلد والخاطر) والكلام من وراء حجاب هو أن يسمع كلام الله من حيث لا يراه كما سمع موسى نداءه من وراء الشجرة والذي يرسل به الرسول جبريل، هو الذي بلغه الملك إلى الرسل فيرونه متمثلا بصورة رجل أو غير متمثل ويسمعه منه أو يعيه بقلبه وهذا قبل التفرقة بين الوحي والإلهام يسميه البعض الوحي النفسي أي الإلهام الفائض من استعداد النفس العالية اه بتصرف.
ثم قال وقد اشتبه بعض علماء الافرنج بنبينا ﵊ كغيره من الأنبياء. فقالوا: ان محمدا يستحيل أن يكون كاذبا فيما دعى الناس إليه من الدين القويم والشرع العادل والأدب السامي وحوّره من لا يؤتى بعالم الغيب منهم أو لا يؤتى باتصال عالم الشهادة أي لا يؤمن ولا يصدق بشيء من ذلك لأنه مادي لا يركن إلى غير المحسوس المشاهد ولا يطمئن إلا بما يعاين لأن معلوماته وأفكاره وآماله ولدت إلهاما فاض من عقله الباطن أو نفسه الخفية الروحانية العالية على مخيّلته السامية وانعكس اعتقاده على بصره فرأى الملك ماثلا له فانتقش كلامه بصدره ووقع على سمعه فوعى ما حدثه الملك به، فظهر في هذا أن الخلاف بيننا وبين الافرنج الذين لا يوقنون بعالم الغيب ولا يصدقون باتصال عالم الشهادة في كون الوحي الشرعي من خارج نفس النبي نازلا عليها من السماء كما نعتقد لا من داخلها فائضا منها كما يظنون وفي ملك روحاني مستقل نزل من عند الله عليه ﷺ كما قال ﷿: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ، نَزَلَ
1 / 56