114

...

سلسلة إيمانيات

Noocyada

واجب المسلمين ودورهم تجاه الأحداث الحالية
مداخلة: واضح من كلامك أننا في غفلة عن أحاديث الرسول ﷺ والأحداث المستقبلية، المشاهدون يتساءلون: ما هو دورنا نحن الآن؟! وبماذا تنصحنا أن نعمل؟ الشيخ: أولًا: أيها الأفاضل! يجب علينا جميعًا أن نجدد التوبة، وأن نتزود للآخرة، قال ﷿: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء:١] .
وقال الشاعر: دع عنك ما فات في زمن الصبا واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب لم ينسه الملكان حين نسيته بل أثبتاه وأنت لاهٍ تلعب والروح فيك وديعة أودعتها ستردها بالرغم منك وتسلب وغرور دنياك التي تسعى لها دار حقيقتها متاع يذهب الليل فاعلم والنهار كلاهما أنفاسنا فيها وتعد وتحسب فإلى متى هذه الغفلة؟! ومتى سنرجع إلى الله ﷿؟! إن الله يهيئ الكون الآن لأحداث عظام، فيجب علينا جميعًا أيها الإخوة! وأيتها الأخوات! أن نتزود للآخرة، كما قال تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة:١٩٧]، ويجب أن نجدد التوبة والأوبة، وأن نرجع إلى الله؛ لنلقى الله ﵎ على طاعة.
ثانيًا: يجب علينا أن نهتم بالعلم، وأن نسأل العلماء الربانيين المتمكنين في علم الشريعة في مثل هذه المسائل؛ لأن مثل هذه المسائل لا تقدم تقديمًا عقليًا بعيدًا عن النقل الصحيح، فيجب علينا أن نرجع إلى نبينا ﷺ؛ لنفهم أحاديثه، ولنفهم هذه الأحاديث من خلال كلام الصحابة وأهل العلم الذين تبعوهم بإحسان إلى يومنا هذا.
ثالثًا: أرجو ألا يظن أخ أو أخت ظنًا خاطئًا، فيقول: إن الشيخ قد بشرنا بأن الجولة المقبلة للإسلام فلمَ العمل؟! وأقول: أنسيت أن الذي أخبرنا بكل ما أصلت لك هو النبي ﷺ؟! ومع ذلك هل نام ﷺ واستراح؟! بل قال له ربه: ﴿قُمْ فَأَنذِرْ﴾ [المدثر:٢] فقام، ولم يذق طعم الراحة حتى لقي الله جل وعلا، فيجب عليك ويجب علينا جميعًا أن نعمل لدين الله، كل في موقع إنتاجه، وكل في موطن عطائه بحسب ما يستطيع وبقدر ما يقدر، قال ﷺ: (إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة -شجرة صغيرة- فاستطاع أن يغرسها فليغرسها) ولا تقل: هذه فسيلة متى تكبر ومتى تنمو؟! والقيامة قد قامت فمن سيأكل منها؟! هذا ليس شأننا، وإنما عملنا أن نغرس لدين الله، وإذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها فليغرسها، ودع النتائج إلى الله ﵎، فيجب علينا ألا نتكاسل، وألا نتوانى، وإنما يجب أن يدفعنا هذا الأمل للعمل، فإن أملًا بغير عمل هو أمل الجهلة السفهاء.
رابعًا: يجب علينا أن نجدد الإيمان، فإن قال قائل: وهل الإيمان يحتاج إلى تجديد؟! فنقول: نعم، لأن الله قال: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾ [الفتح:٤] فأثبت لهم زيادة في إيمانهم إذا نزلت السكينة، وقال ﷺ كما في مستدرك الحاكم بسند حسن من حديث عبد الله بن عمرو: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب -أي: كما يبلى الثوب- فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم) وكيف أجدد الإيمان في قلبي؟ الجواب: بتعريض القلب إلى بيئة الطاعة، بالصلوات والزكوات، والصيام والحج والعمرة والصدقة، وزيارة المرضى والإحسان إلى الفقراء والإحسان إلى اليتامى، وقراءة القرآن والصلاة على النبي ﷺ والاستغفار، وكل عمل صالح يجدد الله ﷿ به إيمانك.
أيضًا: يجب علينا جميعًا أن نهيئ أنفسنا، وأن نهيئ أجيالنا لهذه المراحل المقبلة، ويجب علينا أن نربي في بيوتنا نشئًا على علم بكلام الله وبكلام رسول الله ﷺ، وأنا أتألم غاية الألم حينما أرى كثيرًا من بيوت المسلمين لا تقدم لله ﵎ إلا الرديء الزاهد، فإذا رأى الوالد ولده ذكيًا ألمعيًا يقول: هذا الولد سيكون طبيبًا.
وهذا جميل، فنحن في حاجة إلى الأطباء المسلمين، فإذا رأى الولد يكسر، يقول: هذا الولد سيكون مهندسًا، الولد دماغه دماغ مهندس، وهذا جميل، فنحن في حاجة إلى المهندسين وإلى العلماء في كل المجالات.
لكن الذي يتألم له القلب: أنه إذا خرج الولد بليدًا غبيًا فتسمع من يقول: هذا لربنا، أو هو لله! أو سيكون شيخًا! فيجب علينا أن نقدم أولادنا جميعًا لله ﷿، كما قال ﷿ عن امرأة عمران: ﴿رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا﴾ [آل عمران:٣٥] قالت هذا أم مريم قبل أن تلد.
فيجب علينا أن نربي أبناءنا، وأن نقدم أولادنا لله ﵎، ونحن نرى الأم الآن على أرض فلسطين تقدم أولادها جميعا لله ثم للأقصى، وقد سمعنا ورأينا جميعًا الأم التي تقول: أنا عندي سبعة أولاد نذرتهم جميعًا لله ثم للأقصى.
فنريد أن نربي أبناءنا، وأن نخرج جيلًا يفهم عن الله، ويفهم عن رسول الله؛ ليكون مؤهلًا لهذه الأحداث المقبلة؛ لأن الذي سيفتن في هذه الأيام المقبلة هو الجاهل بالله وبرسوله، الذي لم يحقق الإيمان وإن حصل أرقى الشهادات، لقد أخبرنا الصادق ﷺ أن الذي سيفتن بـ الدجال رجل جاهل بالله وبكلام رسوله، وأول ما يرى الدجال ويرى فتن الدجال التي تأخذ القلوب والأبصار، ويقول له الدجال: أنا ربك، فيقول له: لست ربي، فيظهر له الدجال شيطانين: الأول على صورة أبيه، والآخر على صورة أمه، فيقولان له: آمن به إنه ربك! فإذا رأى الشيطانين على هيئة أبويه آمن به، ويخر ساجدًا له من دون الله، فيكفر والعياذ بالله! ولا يقرأ كلمة كافر التي على جبهة الدجال إلا المؤمن، حتى ولو كان المؤمن أميًا لا يستطيع أن يقرأ أو يكتب! فنحن نحتاج إلى علم بالله، وإلى علم برسول الله، وإلى علم بهذه الفتن وبهذه الأحداث، ثم نحول هذه العلم إلى عمل، ونستعد للآخرة بتجديد التوبة والأوبة إلى الله ﷾.
وأسأل الله ﷿ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينجينا وإياكم جميعًا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يقر أعيننا جميعًا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، وأن يشفي صدور قوم مؤمنين، وأن ينصر إخواننا، ويحفظ أهلنا في فلسطين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

10 / 13