47
يصلوا في المساجد؟
خرج زربة فجرا مع زوجته وولده نجيب، وعبده، يحفرون أحواضا للماء حول الزرع لبعض الحقول الخصبة. فقد حان وقت «الجلب» للزرع بعد أن بلغ طوله مترا. ذكر زربة ولديه كيف كان يحرث أرضه حاملا المحراث على ظهره، يجره أفضل من الثور. عادوا من الحقول الساعة العاشرة صباحا قبل أن يصابوا بالعطش، فتح زربة راديو صنعاء وصادف ذلك اليوم الثامن عشر من شهر مايو، أول يوم من شهر رمضان، سمع أن ناشطة عدنية رشقت مندوب الحوثيين بالحذاء في جلسة محادثات مع مندوبي الحكومة الشرعية في اجتماع جنيف. قال زربة وهو سهران في السوق، يشاهد الذين يلعبون لعبة البطة (الورق) في السوق مساء: يا جماعة، أصحابنا ما كفاهمش
48
يضاربوا في بلادهم راحوا الخارج يضاربوا. فضحونا أمام العالم الله يفضحهم.
10
سألت صفية ابنها عبده عن سبب عدم عودة أخيه منير من تعز، فقال لها إن منير التحق مع المقاومة في تعز، لكنه بخير، فجن جنونها ولم يخبرها بما يسمعه عن المعارك الشرسة التي تدور رحاها على طول خطوط المواجهات لإخراج الحوثيين من المدينة. سألت زربة وهي غاضبة لماذا لم يخبرها بأمر منير ولماذا لم يمنعه؟ فأخبرها أنه عصا أمره ولم يسمع كلامه. ذهبت تسأل عنه أولاد عثمان سالم، الذين نزحوا إلى دارهم بعد أن قاموا بإصلاح ما تخرب منه، فلم تجد ما يفيدها، ثم ذهبت إلى عبد الرقيب فأخبرها أن منير بخير وأشاد بشجاعته بعد مشاركته مع المقاومة في جبل صبر حين استولوا على معسكر جبل عروس. شعرت بالاطمئنان قليلا ثم سألته عن أهل القرية الذين بقوا لمصيرهم في تعز. كانت تقف لبعض الوقت في طريق السيارات، تشاهد السيارات التي تحمل النازحين إلى القرى وهي تأمل أن يكون ابنها ضمن العائدين.
ذات يوم عاد زربة من سوق نجاد ظهرا بيده نصف دجاجة، وحزمة قات صغيرة، استقبلته صفية غاضبة وقالت: قم رجع ابني إلى البيت، والله ما جلست في القرية، أني تعبت به مش أنت. - يا مرة، المدينة محاصرة ما يقدرش أحد يدخلها. أنا نصحته ما سمع كلامي. ابنك مش مثل إخوته طلع شيطان.
بكت صفية كأنها ترى ابنها مقتولا. قدمت ابنتها جميلة وجبة الغداء، فجلس زربة حول المائدة وأخذ زربة يمضغ الدجاجة بلثته ويهرس بعضها بمهراس القات. حينها قال متأسفا: آه، نزعت أضراسي بنفسي، يا صفية. - لمو
49
Неизвестная страница