وكان يسترق إليه النظر، فمال على أذنه وسأله بصوت خافت: أراض أنت يا معلم؟
فتدلت شفته عن ابتسامة، وقال في شيء من التحفظ: الحمد لله، أنت الخير والبركة يا سي السيد.
فهمس في أذنه: سأعوضك عما فاتك خيرا كثيرا.
وانبسطت أساريره وهو يقلب عينيه في وجوه الحاضرين، ثم قال برقة ورجاء: إن شاء الله لن تخيبوا لنا أملا.
فتعالت الأصوات في وقت واحد تقول: معاذ الله يا سيد فرحات .. أنت ابن خطنا.
فابتسم الرجل مطمئنا وأنشأ يقول: إني كما تعلمون مستقل، ولكني أستظل بمبادئ سعد الحقيقية. وماذا أفدنا من الأحزاب؟ ألا تسمعون مهاتراتهم؟ إنهم مثل (كاد يقول أبناء الحواري)، ثم ذكر أنه يخاطب بعضا من هؤلاء الأبناء فتدارك نفسه قائلا: دعونا من ضرب الأمثال، لقد اخترت الاستقلال عن الأحزاب حتى لا يمنعني مانع من قول الحق، ولن أكون عبدا لوزير أو زعيم، وسأذكر في البرلمان إذا وفقنا الله للنجاح أنني إنما أتكلم باسم أبناء المدق والغورية والصنادقية. ولقد ولى عهد الثرثرة والنفاق، وهاكم عهدا لا يشغله شيء عن أموركم العاجلة، كزيادة الأقمشة الشعبية والسكر، والكيروسين، والزيت، وعدم خلط الرغيف، وتخفيض أسعار اللحوم.
وسأل سائل باهتمام شديد: هل حقا تتوفر هذه الضروريات غدا؟
فقال الرجل بثقة ويقين: بغير جدال .. وهذا سر الانقلاب الحاضر .. كنت أمس أزور رئيس الحكومة (ثم ذكر أنه قال إنه مستقل، فاستدرك قائلا) وهو يستقبل المرشحين على اختلاف ألوانهم، فأكد لنا أن عهده هو عهد الكساء والغذاء.
وازدرد ريقه، ثم استطرد: سترون العجب العجاب .. ولا تنسوا الحلوان إذا فزت في الانتخابات.
فسأل الدكتور بوشي: الحلوان بعد ظهور النتيجة؟
Неизвестная страница