على أني أؤول إلى
فروم سادة نجب
قياصرة إذا نطقوا
أرم
87
الدهر ذو الخطب
فابن الرومي وابن جني وأمثالهما كانوا عربا في المنشأ والمربى، وكانوا روما بعقلهم الموروث، فجمعوا بين مزايا العقل المطبوع والعقل المصنوع، وأنتجوا منهما نتاجا صالحا ذا طعم خاص.
السود
ومن العناصر التي كثرت في هذا العصر، وكان لها أثر كبير؛ الزنج الذين كانوا يجلبون في الأكثر من سواحل إفريقيا الشرقية، ولا أدل على كثرتهم وخطرهم من ثورتهم التي قاموا بها قرب البصرة، وهددوا بها الدولة العباسية، ودوخوها أربعة عشر عاما وأربعة أشهر (من 255ه إلى 270ه)، وكانت حربا بين الأجناس، بين السود والبيض، دعا إليها رجل ادعى نسبته إلى علي بن أبى طالب، فزعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن علي بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وأكثر المؤرخين يرون أنه دعي وأن أصله عربي من عبد القيس، وقد توجه هذا الرجل إلى البصرة وحرض الزنوج «الذين كانوا يكسحون السباخ» في أراضيها، فإن ملاك هذه الأرضي كانوا يملكون سودا من السودان يعملون لهم في أرضهم فيعزقونها ويرفعون عنها الطبقة المالحة؛ ليصلوا إلى الأرض الخالية من الأملاح الصالحة للزراعة، وهو عمل شاق جدا في هذه المنطقة، فاستطاع هذ الذي لقب بعد بصاحب الزنج أن يؤلب هؤلاء العمال الزنوج بعد أن درس حالتهم وبؤسهم وأجورهم ونفسيتهم فأتاهم من الناحية الدينية فهي أفعل في نفوسهم، فادعى أنه متصل بالله على نحو ما، فاجتمع إليه خلق كثير، فوصف لهم بؤسهم وظلم سادتهم لهم، ورثى لعيشهم على السويق والتمر، ودعاهم إلى الخروج على هؤلاء الظالمين، «ومناهم ووعدهم أن يقودهم ويرئسهم، ويملكهم الأموال، وحلف لهم الأيمان الغلاظ ألا يغدر بهم ولا يخذلهم ولا يدع شيئا من الإحسان إلا أتى إليهم».
من وقع في يده من هؤلاء السادة مالكي العبيد كان يسلمه لغلمانه ويأمر بضربه، فكانت حركته الأولى حركة ضد الملاك، ثم تطورت فصارت حركة ضد الدولة، وأن الخلفاء والولاة ظالمون ينتهكون حرمة الله، ودعا إلى مذهب الخوارج. قال المسعودي: «إنه كان يرى رأي الأزارقة من الخوارج؛ لأن أفعاله في قتل النساء والأطفال وغيرهم من الشيخ الفاني وغيره ممن لا يستحق القتل يشهد بذلك عليه؛ وله خطبة يقول في أولها: «الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، ألا لا حكم إلا لله.» وكان يرى الذنوب كلها شركا.»
Неизвестная страница