Лидеры реформ в современную эпоху
زعماء الإصلاح في العصر الحديث
Жанры
في كل ذلك كتب «عبد الله نديم» في الأعداد الأولى من «الأستاذ» - ووجد النفوس مستعدة لهذه الدعوات كأنها حائرة تنتظر الدليل، ضالة تلتمس الهادي، فانتشر «الأستاذ» انتشارا فاق ما كان يتوقع، فقد كان يطبع منه حول ثلاثة آلاف، كأكبر جريدة يومية إذ ذاك، وأعيد طبع الأعداد الأولى منه.
وقد حاول مرة أن يحرر الجريدة كلها باللغة العربية الفصحى، فأتته رسائل الاحتجاج الكثيرة تذكر له خطأه، لأن المرأة تسمع مقالاته في بيتها، والعامي يسمعها وهو في مصنعه ومتجره، والفلاح في حقله، وكلهم يستفيد من نقده، وكثير يتعظ بنصحه؛ فنزل عند رأيهم، وأعادها كما كانت عربية فصيحة في بعضها، عامية في بعضها.
ثم نرى نغمته تعلو شيئا فشيئا في الميدان السياسي، ومناصرة الحركة الوطنية، ومؤازرة الخديوي عباس، ومناهضة الاحتلال، حتى بدا ذلك واضحا في العدد الصادر في 17 يناير سنة 1983، فيفتتح العدد بمقال جريء عنوانه: «لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا»، وهي كلمة كانت تتردد على لسان بعض الأوربيين يخاطبون بها الشرقيين ، ويقع المقال في ست وعشرين صفحة من أقوى ما يكتب، يصف فيها حالة الغرب وحالة الشرق ووسائل الاستعمار، وما إلى ذلك، ويندد بالغربيين في أساليبهم، وبالشرقيين في غفلتهم، ويشرح ما تفعله الحكومات الغربية لترقية شعوبها، وما تنشره في أمم الشرق لانحلالها، وما يفعله المصريون في تخاذلهم وتواكلهم،
19
ويدعو إلى الالتفاف حول الخديوي ومطالبته بالمحافظة على حقوقه الشرعية؛ ويختم المقال بقوله: «وبالجملة فقد بلغ السيل الزبى.
20
فإن رفونا هذا الخرق، وشددنا آزر بعضنا، وجمعنا الكلمة الشرقية، مصرية وشامية وعربية وتركية، أمكننا أن نقول أوربا: نحن نحن، وأنتم أنتم، وإن بقينا على هذا التضاد والتخاذل واللياذ
21
بالأجنبي فريقا بعد فريق، حق لأوربا أن تطردنا من بلادنا، وتصدق في قولها: «لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا».
واستمر على هذه النغمة كذلك في الأعداد التالية؛ والمطلع على الحوادث التي كانت تجري في تلك الأيام يرى أن علو هذه النغمة كان صدى لما يحدث من أزمات؛ ففي هذه الأيام بعينها اشتد الجفاء بين الخديوي عباس واللورد كرومر، ففي 15 يناير سنة 1893 أقال الخديوي مصطفى باشا فهمي منتهزا فرصة مرضه، وعهد إلى حسين فخري باشا في تشكيل الوزارة، فعارض اللورد كرومر في تعيين الوزارة من غير أخذ رأيه؛ واشتد الأخذ والرد، وأنذرت إنجلترا الخديوي إنذارا شديدا، وانتهت المسألة باستقالة حسين فخري وتعيين رياض باشا حسبما أشار اللورد كرومر. وانتشر الخبر في الشعب، فأقبلت الوفود على الخديوي في 18 يناير تلقى الخطب في تأييده في موقفه، وظهر أثر ذلك واضحا في الجرائد التي تناصر الحركة الوطنية، فكان هذا هو السبب فيما نرى من حرارة مقالات النديم في تلك الأيام وما بعدها، ومناصرته للخديوي، ومنازلته للجرائد المخالفة في قوة ووضوح.
Неизвестная страница