386

كما وافق حنطا حنطة ورخمان رحمانا.

وروي أن نبيهم عليه السلام لما دعا الله أن يملكهم أتي بعصا يقاس بها من يملك عليهم ، فلم يساوها إلا طالوت.

( قالوا ) إنكارا لتملكه عليهم ( أنى يكون له الملك علينا ) من أين يكون له ذلك ويستأهل؟ ( ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال ) والحال أنا أحق منه بالملك وراثة ومكنة ، ولا بد للملك من مال يتقوى به. وإنما قالوا ذلك لأن طالوت كان فقيرا راعيا أو سقاء أو دباغا من أولاد بنيامين بن يعقوب ، ولم يكن من سبط النبوة ولا من سبط الملك ، وإنما كانت النبوة في أولاد لاوي بن يعقوب ، والملك في سبط يهوذا ، ولم يكن طالوت من أحد السبطين.

ولما استبعدوا تملكه لفقره وسقوط نسبه ( قال ) نبيهم ردا عليهم أولا : ( إن الله اصطفاه عليكم ) اختاره عليكم ، وهو أعلم بالمصالح.

وثانيا : بأن الشرط فيه وفور العلم ليتمكن به من معرفة الأمور السياسية ، وجسامة البدن ليكون أعظم خطرا في القلوب ، وأقوى على مقاومة العدو ومكابدة الحروب ، لا ما ذكرتم ، فقال : ( وزاده بسطة ) سعة وامتدادا ( في العلم ) بتدابير الحروب والسياسة ، ويجوز أن يكون عالما بالديانات وبغيرها. وقيل : قد أوحي إليه ونبئ. ( والجسم ) بطول القامة على وجه كان الرجل القائم يمد يده فينال رأسه ، وبالوجاهة التامة وكمال الشجاعة ، وذلك أعظم في النفوس ، وأهيب في القلوب ، وأدخل في الحروب.

وثالثا : بأنه مالك الملك على الإطلاق ، فقال : ( والله يؤتي ملكه من يشاء ) وفق الحكمة والمصلحة.

ورابعا : بأنه واسع الفضل ، يوسع على الفقير ويغنيه ، عالم بمن يليق بالملك ، فقال : ( والله واسع عليم ) بمن يصطفيه للرئاسة والملك.

Страница 391