رجع ورجع مرّات، والشيخ ينسى، فقال له أبو محمدٍ: أيّها الشيخ ﴿لا تنظر إليّ بعين الصّبوة، فإن الله تعالى قد رزقني من هذا الشأن ما لم يرزق أبا زرعة الرّازي. فقال الشيخ: الحمد لله. ثم رجع إليه في طلب الجزء، فقال الشيخ: أيّها الشاب﴾ إنّي طلبت البارحة الأجزاء، فلم أر جزءًا يصلح لأبي زرعة الرّازي ﴿فخجل وقام.
١٧٣ - كان أبو الحسين بن المتيّم الصوفي يسكن الرّصافة، وكان مطبوعًا مضحاكًا، وكان دائمًا يتولّع برجلٍ شاهد فيه غفلةً، يعرف بأبي عبد الله إلكيا. قال ابن المتيّم: فلقيته يومًا في شارع الرصافة، فسلّمت عليه، وصحت به: لتشهد عليّ؛ فاجتمع النّاس علينا، فقال: بماذا؟ قلت: إن الله تعالى إله واحدٌ لا إله إلا هو وأنّ محمدًا عبده ورسوله، وأن الجنّة حقّ، والنّار حقّ، والسّاعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور؛ فقال: أبشر يا أبا الحسين﴾ سقطت عنك الجزية، وصرت أخًا من إخواننا. فضحك النّاس وانقلب الولع بي.
١٧٤ - استأجر رجلٌ رجلًا يخدمه، فقال له: كم أجرتك؟ قال: شبع بطني؛ فقال له: سامحني؛ فقال: أصوم كل اثنين وخميس.
١٧٥ - قال الجاحظ: كنت مجتازًا في بعض الطرق فإذا أنا برجلٍ قصيرٍ بطينٍ كبير الهامة، متّزرٍ بمئزرٍ وبيده مشطٌ، يسقي به شقةً، ويمشطها به؛ فاستزريته، فقلت: أيها الشيخ! قد قلت فيك
1 / 95