272

============================================================

ادنى"، مثل الكبرى والصغرى، والكبر والصغر.

قال الله عز وجل (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) [آل عمران: 185]، وقال: {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو [محمد: 36]. فجعل "الدنيا" نعتا للحياة، و "الآخرة" نعتا للدار، لأنهما حياتان؛ الحياة الدنيا، والحياة الآخرة . وكذلك هما داران، دار الدنيا، ودار الآخرة، والآخرة نعث للدار . وإنما جاء مضافا إلى نعته لما ذكره الفراء من العلة فيه. ويذهب قوم إلى أن الدنيا هي(1) الأرض والسماء وما بينهما. وهو خطأ، لأن الآخرة أيضا في السماء والأرض، وإن كانت السموات والأرضون هي الدنيا، فأين الآخرة؟ وقد قال قوم إن الآخرة لا تكون إلا بعد انقضاء أمر الدنيا . قلنا : فإن كان كذلك، فمن قد مات فهو في الدنيا، لاا يجوز أن يقال: قد مضى إلى الآخرة، إذ كانت الآخرة لم تخلق. ولكنا نقول إنهما حياتان ، فمن كان في هذه الحياة، فهو في الدنيا، لأن الله عز وجل قد جعل الدنيا نعتا للحياة، ومن قد مضى فهو في الحياة الآخرة.ا والدنيا اشتقاقها من الأدنى، وهو الأقرب، أي أن هذه الحياة هي أقرب الحياتين (2)، والآخرة هي الحياة الأخرى. وكل شيء له طرفان، فالأدنى منهما اليك هو الدنيا، والأبعد هو الآخرة. قال الشاعر: [السريع] كل امرئ دنياه في وجهه ليسق له من خلفه آخرة فسمى وجهه دنياه، ودبره آخرته، لأن الوجه هو الأدنى إليه، والدبر هوا الأقصى. وهكذا قال الله عز وجل (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى) [الأنفال: 42]، فجعل الدنيا نعتا للعدوة. فقد دلك أن الدنيا ليست باسم، إنما هو نعت، والنعت لا بد أن يكون لاسم قد تقدمه، وربما أقيم النعت مقام الاسم وإنما يفعل ذلك إذا كان الاسم مشهورا، كقولك: قام زيد العاقل، فالعاقل نعت زيد، ثم تقول: قام العاقل، فأقيم النعت مقام الاسم. والاسم هو زيذ، وهو غير مجهول. فكذلك الدنيا هي نعث للحياة. ولم نجذ للدنيا اسما قد تقدمه، فيكون (1) هي : في ب : في . وفي م: هما.

(2) في ب: الحيوان.

(3) في قطعة غير منسوبة في بهجة المجالس للقرطبي. وفي أبيات ليحيى بن أكثم في مروج الذهب 215/3.

Страница 269