============================================================
اسرائيل في الكتاب [الإسراء: 4]، أي أخبرناهم بذلك، وفرغنا لهم منه . قال: وكذلك وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) [الإسراء: 23]، إنما هو عهد إليهم في ذلك، وخرج إليهم منه، وأحكمه لهم. ومن ذلك قضاء الله وقدره، أي قد أتقن الأشياء كلها وأحكمها، وأبرمها وفرغ منها. وقال: إنما سمي القاضي "قاضيا" لهذا المعنى، وإنما يقال: قضى بين الخصمين، أي فصل ما بينهما، وفرغ منه .
ومنه قيل للميت: قد قضى، أي فرغ من الدنيا، وفصل منها. وكذلك: تقضى النهار. ومثله قولهم: لا ينقضي عجبي من فلان. فكل القضاء إنما يدور على هذا المعنى، ثم يتفرق في وجوه كثيرة.
وقال غيره: يقال للموت "قضاء" لأنه إمضاء وفراغ. قال الحارث بن حلزة: [الخفيف) وثمانين من تميم بأيديهم رماح صدورهن القضاء(1) يعني الموت. يقول في أسنتهم(2) الموت. وقال رجل لأمير المؤمنين علي عليه السلام: ما هذا القضاء والقدر اللذان ساقانا إلى كذا؟ في حديث طويل(2) فقال: هو الأمر من الله، ثم تلا (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) [الإسراء: 23]. فجعل الأمر من الله قضاء، لأن أمره فصل لا يرد، وينفذ في كل شيء، ويمضي فيه ويحكمه، ويفرغ منه. قال الهذلي: [الكامل] فقضى مشارته وحط كأنه خلق ولم ينشب بها يتسبسب(4) قضى مشارته: فرغ من مشارته، وهو أخذه العسل. وأنشد أيضا [من الكامل]: فبتلك أقضي الهم إن خلاجه سقم وإني للخلاج صروم(5) (1) ديوان الحارث بن حلزة ص 46 .
(2) في م : في أسنتهن، والضمير عائد على الرماح.
(3) انظر مادة (القدرية) لاحقا.
(4) لساعدة بن جؤية في أشعار الهذليين بشرح السكري ص 1112، وينشب : يعلق، ويتسبسب: ينسل.
(5) ديوان لبيد بن ربيعة العامري ص 131.
Страница 267