============================================================
والأدب منهم، وقبله أهل الشرف والحسب عنهم، وجعلوا رويه(1) في ذكر الأحساب والماثر، ومدح الملوك والأكابر والنبلاء من الناس، وفي ذكر المثالب والسباب، وهجاء أهل الضغائن والأحقاد، وفي ذكر الوقائع والحروب. ونشر كل شاعر محاسن أيام قبيلته ومفاخرها، ومساوئ أهل الشنآن والبغضاء. واستفتحوا كلامهم بذكر النسيب، وبسطوه بصفات الديار والقفار والنجع والأمطار، ونعت ال الخيل والإبل والوحش، وغير ذلك مما يطول الشرح به، ويكثر الكلام بذكر علله .
تقيدت به الألفاظ الغريبة(2)، والمعاني اللطيفة، وحفظ الرواة عنهم كثيرا من ذلك الشعر ودونوه، ورواه السلف للخلف، وعرفوا اختلاف لغات القبائل. واصطلح أهل المعرفة على صحة أصول اللغة فيه، فرغب في تعلمه أهل الهمم، وصار اديوانا" لهم في الجاهلية، عليه يعتمدون، وبه يحكمون، وبحكمه يرتضون، حتى صار الشعراء فيهم بمنزلة الحكام، يقولون فيرضى قولهم، ويحكمون فيمضى(3) حكمهم. وصار ذلك فيهم سنة يقتدى بها، وأثارة(4) يحتذى عليها.
فقد كان تنافر علقمة بن علائة وعامر بن اللفيل العامريان، وتحاكما إلىا هرم بن قطبة الفزاري، فاحتجز عن الحكومة بينهما، وتوقى القول فيهما. وقدا ساق كل واحد منهما معه إبلا لينحرها عند الحكومة، ومع عامر أعشى قيس(5) ، ومع علقمة الحطيية. وقد حضرا(2) ليقول كل امريئ في صاحبه عند النفورة، ويذكر فضله ، ليخلد على الدهر. فلما امتنع هرم من الحكومة، انتدب الأعشى، وكان أدهى من الحطيية وأشد تحنكا منه، فقال قصيدة نفر فيها عامرا على علقمة.
وقال: [السريع] علقم لا، لست إلى عامرالناقض الأوتار والواتر سدت بني الأحوص لم تعدهم وعامر ساد بني عامر (1) أي روايته.
(2) في م وس وق وك: الألفاظ العربية.
(3) هكذا في ه، وفي ب: فيرضي.
(4) الأثارة : العلامة، انظر اللسان مادة (أثر) .
(5) في جميع الأصول عدا ب زيادة : ولبيد بن ربيعة العامري (6) في الأصول عدا ب: وقد حضروا.
Страница 118