قال أحمد: «لا بد أن ترحل!»
وقال زيتون: «لا لا! أنا بخير. كل شيء على ما يرام.»
وحاول أحمد أن يؤدي دور الأخ الأكبر فقال: «اذهب إلى أسرتك. أريدك فعلا أن ترحل، أسرتك تحتاج إليك.»
وقال زيتون، وهو يحاول ألا يبدو مبالغا في التعبير: «حاجة الناس هنا أكبر. هؤلاء أفراد أسرتي أيضا .»
ولم يكن أحمد يعرف كيف يعارض مثل هذه العبارة.
وقال زيتون: «هذه مكالمة أجرها باهظ. سأطلبك غدا بالتليفون.»
عندما وصل إلى جامعة تولين، كان مستوى الماء قد انخفض إلى الحد الذي سمح له بأن يهبط من القارب إلى اليابسة، وسار في الفناء الذي يكسوه البلاط والذي أقيم فيه مسجد الرحمة، وجال ببصره في المكان. كانت الأرضية تغطيها خطوط متقاطعة من الأغصان التي سقطت من الأشجار، ولكن - باستثناء ذلك - لم يكن المبنى قد أصيب بأضرار. كان يوشك أن ينظر في داخل المبنى عندما شاهد رجلا خارجا من الباب الجانبي له.
قال: «ناصر؟»
كان ذلك ناصر ديوب، من سوريا أيضا، وكان قد غادر بلده في عام 1995، بعد أن سافر أولا إلى لبنان، ومن بيروت تسلل فركب إحدى ناقلات البترول خفية من دون أن يعرف مقصدها، واتضح بعد ذلك أنها كانت تتجه إلى الولايات المتحدة، وعندما وصلت إلى الميناء وثب ناصر منها وطلب فورا حق اللجوء، ومنح بعد فترة الحق في الاحتماء بالولايات المتحدة، وكان حينذاك قد انتقل إلى نيو أورلينز، وكان يقيم في مسجد الرحمة أثناء الإجراءات القانونية الخاصة بقضيته. «عبد الرحمن!»
وتصافحا وتبادلا القصص عما مر به كل منهما أثناء العاصفة، كان منزل ناصر يقع في حي برودمور، متاخما لوسط المدينة، وكانت قد غمرته مياه الطوفان، فجاء إلى رابطة الطلبة ينشد المأوى؛ إذ كان يعرف أن المكان يقع فوق ربوة.
Неизвестная страница