وفي تلك اللحظة تيقن زيتون أن مصدرها السدود؛ فإما أنها طفحت وإما خرقت. لم يكن يساوره أدنى شك. وسوف تغمر المياه المدينة في القريب العاجل. كان يعرف أن المياه ما دامت قد وصلت إلى هذه البقعة فلا بد أنها غمرت معظم مدينة نيو أورلينز. وكان واثقا بأنها سوف تستمر في التدفق، ومن المحتمل أن يصل ارتفاعها إلى ثماني أقدام، أو أكثر، في الحي الذي يعيش فيه، ويزداد على ذلك خارجه. وكان يعرف أن التخلص منها قد يستغرق شهورا أو سنوات. كان على يقين أنه الطوفان.
واتصل بكاثي.
قال: «المياه تتدفق.»
قالت: «ماذا؟ لا لا! هل انكسرت السدود؟» - «أظن ذلك.» - «لا أستطيع أن أصدق.»
وسمعها تكتم نهنهة.
وقال: «يجب أن أذهب.»
وأنهى المكالمة واتجه للعمل.
وقال في نفسه: «لا بد من رفع الأشياء. الرفع، الرفع.» لا بد من نقل كل شيء إلى الطابق الثاني، وتذكر أسوأ ما جاءت به التنبؤات قبل العاصفة، إذا انكسرت السدود فسوف تتدفق المياه وتصل إلى ارتفاع عشر أقدام، أو خمس عشرة في بعض الأماكن. وبدأ يستعد للعمل بأسلوب منهجي. كان ينبغي نقل كل ما له قيمة إلى مكان أعلى. كان العمل عملا وحسب، وانهمك فيه بهدوء وسرعة.
حمل جهاز التليفزيون، وجهاز الدي في دي، والاستريو، وجميع الأجهزة الإلكترونية إلى الطابق العلوي، وجمع كل ملابس الأطفال وكتبهم وموسوعاتهم، ثم حملها بعد ذلك إلى المكان نفسه.
كان التوتر سائدا في المنزل في باتون روج. ففي الجو العاصف الأغبر، وإزاء مشاركة هذا العدد الغفير العيش في المنزل الصغير، كانت الأعصاب تفلت. ورأت كاثي أن الأفضل أن تختفي هي وأطفالها، فحملوا أكياس الرقاد، وهي بدائل الفرش والأغطية، والوسائد وأعادوها إلى أماكنها، ثم انطلقوا بالشاحنة الأوديسية؛ بقصد قضاء سحابة النهار في التجوال بالسيارة، والذهاب إلى المراكز التجارية أو المطاعم، أو أي مكان يكفل قتل الوقت، وقرروا أن يعودوا في وقت متأخر، بعد موعد تناول العشاء، للنوم فقط. وكانت تدعو الله أن يستطيعوا العودة إلى نيو أورلينز في اليوم التالي.
Неизвестная страница