وقالت كاثي: «أظن أن علينا أن نرحل يا حبيبي.»
وقال زيتون: «ارحلوا أنتم، وسأبقى أنا.»
وسألته: «كيف يمكن أن تبقى؟»
ولكنها كانت تعرف الإجابة، لم يكن العمل الذي يقومان به عملا بسيطا يتيح لك أن تغلق المكتب وحسب وترحل، وكان معني الرحيل من المدينة ترك كل ما يمتلكانه، وكل منازل مستأجريهم، ولم يكن في طوقهم أن يفعلوا هذا إلا في حالة الضرورة القصوى. وكانت لديهما مواقع عمل في شتى أرجاء المدينة، وقد تحدث أشياء كثيرة يجهلانها أثناء غيابهما، وقد ترفع عليهما قضايا التعويض إذا تسببت معداتهما في إحداث أي ضرر بممتلكات عملائهما. كان ذلك من المخاطر الأخرى للشركة التي بنياها.
كانت كاثي تميل بشدة إلى الهرب، وبدا لها من متابعة الأخبار طول النهار ظهور دلائل كثيرة جديدة على الطابع الفريد لهذه العاصفة، بل بلغ من كثرتها أن كاثي لم تعد تطيق مجرد التفكير في البقاء، كانا قد أوقفا من قبل عمليات الشركة في مطار لويس أرمسترونج الدولي، وكان الحرس الوطني في لويزيانا قد استدعي أربعة آلاف جندي من جنود الاحتياط للخدمة.
كان ذلك وقت الضحي، ودرجة الحرارة لا تقل عن 35° مئوية، والهواء مثقل بالرطوبة، وكان زيتون في الفناء الخلفي يجري ويلعب مع الأطفال والكلبة «ميكاي». وفتحت كاثي الباب الخلفي.
وسألته كاثي: «هل ستبقى حقا؟» كانت تتصور لسبب ما أنه ربما يبدي التردد، ولكنها كانت مخطئة.
وقال لها: «ما الذي يقلقك؟»
لكنها لم تكن قلقة. لم يكن ما يراودها هو الخوف على سلامة زوجها، في الواقع، بل إحساس قاطع بأن الحياة في المدينة ستكون مضنية إلى أقصى حد خلال العاصفة وبعدها. لا بد من انقطاع الكهرباء، وسوف تكون الشوارع مغطاة بالأنقاض، ويتعذر المرور فيها أياما متوالية. فما الذي يدفعها إلى تحمل كل هذا العناء؟
وقال: «لا بد أن أرعى المنزل والمنازل الأخرى. قد ينشأ ثقب صغير في السقف، فإن أصلحته فلا ضرر منه، وإلا تحطم المنزل كله.»
Неизвестная страница