وبعد عدة دقائق أطلق سراحه. سار إليها وهرولت نحوه. وظلا متعانقين برهة طويلة. كانت تحس بعظام كتفيه البارزة وضلوع صدره. وبدت رقبته نحيلة هشة إلى حد بعيد، وذراعاه معروقتين. وابتعدت عنه، وأبصرت عينيه اللتين لم تتغيرا - كانتا لا تزالان خضراوين، أهدابهما طويلة، ويشيع فيهما اللون العسلي - ولكنهما كانتا تفصحان عن الإرهاق، عن الهزيمة. لم يسبق لها أن أبصرت ذلك فيه قط. كان كسير الجناح.
واحتضن زيتون عدنان، ثم ابتعد بسرعة.
وقال زيتون: «لا بد أن نمضي!»
وركب ثلاثتهم السيارة، لم يكونوا يريدون المسئول عن ذلك، مهما يكن، أن يغير رأيه، ولو غير رأيه لما أدهشهم ذلك. ما عادوا يدهشون الآن لأي شيء.
غادروا السجن بأسرع ما في طوقهم، وشعروا بالارتياح عندما خرجوا من البوابة الرئيسة، وبمزيد من الارتياح عندما تجاوزوا مدخل السيارات الطويل ذا الأسوار البيضاء ووصلوا إلى الطريق العام. وكان زيتون يلتفت خلفه من آن لآخر حتى يطمئن إلى عدم وجود من يقتفي آثارهم. وكان عدنان ينظر باستمرار في المرآة التي تعكس صورة ما يخلفه وراءه أثناء انطلاق السيارة المسرعة في الطريق الريفي، محاولا أن يبتعد إلى أقصى حد ممكن عن السجن. ومرت بهم السيارة في ممر تظلله الأشجار الباسقة، وكان كل ميل يقطعانه يزيد إحساسهم بالثقة في أن زيتون يتمتع بالحرية المطلقة.
كانت كاثي تجلس في المقعد الخلفي، وتمر بيدها على رأس زوجها ملاطفة له، ولكنها كانت تريد أن تكون أقرب إليه، أن تحتضنه بين ذراعيها، وأن تضمه إلى صدرها وتشفيه.
لم يكونوا قد قضوا أكثر من عشر دقائق منذ مغادرتهم السجن حين اتصل أحمد بكاثي على تليفونها الخلوي.
قالت له: «إنه معنا!» - «ماذا؟ فعلا؟»
فأعطت التليفون إلى زيتون.
قال: «مرحبا يا أخي!»
Неизвестная страница