فسأله الصحفي: «ومن تعمل معه؟»
فقال زيتون: «أي أحد. أعمل مع أي أحد.»
وعندما جدف بالقارب عائدا إلى كليبورن، برق خاطر في ذهن زيتون: أفلا يحتمل أن يشاهده أشقاؤه في التليفزيون؟ لربما شاهدوا ما يفعله، وأدركوا أنه يفعل الخير بالبقاء في المدينة التي اتخذها وطنا. كان أفراد أسرة زيتون يعتزون بأنفسهم، وكان التنافس الكبير بين الأشقاء دافعا لهم على تحقيق شتى المنجزات؛ إذ كان كل منهم يقيس نفسه بمعيار ما حققه محمد. لم يحقق أحد منهم قط مثل ما حققه، ولا وصلت منجزات أحد منهم إلى مستوى إنجازه، ولكن زيتون كان يقول في نفسه من جديد إنه ربما كانت هذه رسالته، وربما انتظر الله فوضعه هنا وقضت مشيئته أن يبلوه الآن على هذا النحو. وهكذا كان يأمل، على حمق هذا الأمل فيما يبدو، أن يشاهده أشقاؤه على هذه الحال، على صفحة الماء، بحارا مرة أخرى، يفعل ما ينفع الناس، في سبيل الله تعالى.
وعندما عاد زيتون إلى المنزل رقم 5010 شارع كليبورن، شاهد زورقا بمحرك، يجمع بين اللونين الأزرق والأبيض، مربوطا في المدخل.
وعندما دخل المنزل وجد فيه رجلا، رجلا لم يسبق أن شاهده في حياته.
وسأله زيتون: «من أنت؟»
فسأله الرجل: «بل من تكون أنت؟»
فقال زيتون: «هذا منزلي.»
واعتذر الرجل، وعرف زيتون بنفسه، قال إن اسمه «روني»، وإنه مر بالمنزل ذات يوم باحثا عن منزل قد يكون فيه تليفون يعمل، وشاهد صندوق التليفون فوق مستوى سطح الماء فدخل المنزل، ومنذ ذلك اليوم وهو يأتي بانتظام إلى المنزل للاتصال تليفونيا بأخيه الذي يعمل قائدا لطائرة عمودية. وكان روني أبيض البشرة، في نحو الخامسة والثلاثين، وطوله 180سم ووزنه 90كجم. وقال لزيتون إنه يعمل في شركة خاصة لتشذيب الأشجار.
ولم يجد زيتون سببا وجيها يدفعه إلى طلب الرحيل من روني، والواقع أن زيتون كان سعيدا برؤية أي فرد في قيد الحياة وفي خير حال في المدينة، فترك روني في المنزل، وصعد إلى الطابق الثاني ليرى إن كانت بالمنزل مياه جارية، فوجد ناصرا في الطابق الثاني.
Неизвестная страница