زودنا البيروني (توفي 440ه/1047م) بكيفية تفكير الهنود بظاهرة المد والجزر، وكيف كانوا يفسرونها بطريقة أسطورية.
قال البيروني: «أما في سبب بقاء ماء البحر على حاله فقد قيل في «مج بران»: إن ستة عشر جبلا كانت في القديم ذوات أجنحة تطير بها وترتفع فأحرقها شعاع «إندر» الرئيس حتى سقطت حول البحر مقصوصة الأجنحة في كل جهة أربعة؛ فالشرقية «رشبه، بلاهك، جكر، ميناك» والشمالية «جندر، كنك، درون، سمه» والغربية «بكر، بدهر، نارذ، برنت» والجنوبية «جيمود، دراون، ميناك، بهاشير»، وفيما بين الثالث والرابع من الجبال الشرقية نار «سمرتك» التي تشرب ماء البحر، ولولا ذلك لامتلأ بدوام انصباب الأنهار إليه، قالوا: وهي نار ملك كان لهم يسمى «أورب» وهو أنه ورث الملك من أبيه وقد قتل وهو جنين، فلما ولد وترعرع وسمع خبر أبيه غضب على الملائكة وجرد سيفه لقتلهم بسبب إهمالهم حفظ العالم مع عبادة الناس إياهم وتقربهم إليه؛ فتضرعوا إليه واستعطفوه حتى أمسك، وقال لهم: فماذا أصنع بنار غضبي؟ فأشاروا عليه بإلقائها في البحر، وهي التي تتشرب مياهه، وقالوا أيضا: إن ماء الأنهار لا يزيد في البحار من أجل أن إندر الرئيس يأخذها بالسحابة ويرسلها أمطارا.»
16
وقد عثر لاحقا على نصوص هندية مختلفة ذات أصول دينية تبين اعترافات لتأثير القمر على حالتي المد والجزر؛ ففي وثيقة بورانا
المكتوبة باللغة السنسكريتية بين (300-400 قبل الميلاد) كانت تشبه المحيط «كأنه ماء في مرجل يتمدد تحت تأثير ارتفاع الحرارة؛ لذا فإن مياه المحيطات تنتفخ مع ازدياد القمر.» كما أننا سنجد تفسيرات عن ظاهرة المد والجزر التي تشتمل على «الخفقان» أو «التنفس» الذي يقوم به إله البحر الهائل في بعض النصوص الهندية والشرقية.
17 (4) المبحث الرابع: الصينيون
اقترح بعض الصينيين سببين للمد والجزر: الأول أن الماء هو دم الأرض، وأن المد والجزر هو إيقاع نبضه، والثاني أن المد والجزر ناتج عن تنفس الأرض. وقد قدم كو هونغ (توفي 343م)
Ko Hung ، وهو باحث من أسرة جين الشرقية، شرحا غامضا إلى حد ما لموجات المد والجزر. يقول إن السماء تتحرك كل شهر شرقا ثم غربا، وبالتالي يكون المد والجزر أكبر وأصغر بالتناوب. يقال إن المد والجزر في فصل الصيف أعلى من المد والجزر في فصل الشتاء؛ لأنه في الصيف تكون الشمس أبعد في الجنوب والسماء 15000 ليال (5000 ميل)، وبالتالي في الصيف، يكون المبدأ الأنثوي أو السلبي في الطبيعة ضعيفا، والذكر أو المبدأ الإيجابي قويا. في الصين، تظهر عدم المساواة النهارية في فصل الصيف؛ لأن المد يرتفع في النهار أكثر من الليل، في حين أن العكس صحيح في فصل الشتاء؛ لذلك فإن هذه الحقيقة توفر مبررا للقول بأن المد في الصيف قوي.
18
وقد كرس مؤرخ العلوم الصينية جوزيف نيدهام
Неизвестная страница