Заим Таир Ахмад Кураби
الزعيم الثائر أحمد عرابي
Жанры
توفي عبد العال باشا حلمي يوم 19 مارس سنة 1891 بكولومبو ودفن بها. وذهب محمود باشا فهمي إلى كندي - عاصمة الجزيرة - لتبديل الهواء ... وهناك أدركته الوفاة ليلة 17 يوليو سنة 1894 ودفن بها.
وفي فبراير سنة 1900 رخصت الحكومة المصرية لطلبة باشا عصمت بالعودة إلى مصر، إذ ساءت صحته، وقررت جمعية من الأطباء أنه إذا لم يعد إلى بلاده فإنه لا يعيش أكثر من خمسة أشهر، وصادق على هذا القرار حاكم الجزيرة ... فعاد إلى مصر، ولكنه لم يعش أكثر من المدة التي توقعها الأطباء، وتوفي في ذلك العام، ودفن في قرافة الإمام الشافعي.
وفي شهر أكتوبر سنة 1900 توفي يعقوب باشا سامي، ودفن بجوار قبر محمود باشا فهمي بكندي، وكان قد صدر العفو عنه ورخص له بالعودة إلى مصر، ولكن وافاه القدر قبل أن يبلغه الحاكم أمر العودة.
وأصيب محمود باشا سامي البارودي بارتشاح في القرنيتين أفقده نور عينيه، وقررت جمعية الأطباء لزوم عودته إلى مصر لمعالجته في المناخ الذي ولد فيه وألفه، وصادق على ذلك حاكم الجزيرة، فأصدر الخديو عباس حلمي الثاني أمرا بعودته إلى مصر، فرجع في شهر سبتمبر سنة 1900، وعفا عنه الخديو ومنحه حقوقه المدنية ورد إليه أملاكه الموقوفة، وحصل على متجمد ريعها من ديوان الأوقاف، ولكن لم يعد إليه بصره، وتوفي في 12 ديسمبر سنة 1904.
وفي 11 يونيو سنة 1901 صدر عفو الخديو عباس أيضا عن عرابي وعلي فهمي ... فبارح علي باشا فهمي الجزيرة في شهر أغسطس سنة 1901، وجاء القاهرة في أول سبتمبر، وجاءها عرابي في أول أكتوبر سنة 1901، وكانت البلاد تغلي سخطا على الاحتلال وسياسته لما بدا من الحكومة البريطانية من نقض عهودها في الجلاء، ووضع يدها على حكومة البلاد ومرافقها.
وكانت عودة عرابي بوساطة الإنجليز، وإدلاؤه بعد رجوعه بتصريحات فيها تأييد للاحتلال وسياسته، سببا في استقبال الأمة له بالفتور والسخط، وهذا الفرق بينه وبين البارودي من هذه الناحية ... فقد لزم البارودي العزلة بعد عودته وامتنع عن الخوض في الأحاديث السياسية، وكان ذلك منه عين الحكمة والصواب، أما عرابي فقد جلب على نفسه بأحاديثه سخط الصحافة والرأي العام، وكانت وفاته رحمه الله يوم 21 سبتمبر سنة 1911. (3) شخصية عرابي
في شخصية عرابي تجتمع المحاسن والأضداد ... ولقد كان لكل منهما أثره في الدور الذي قام به في تاريخ مصر السياسي ، ولا بد لكي تكون لدينا صورة صحيحة لهذه الشخصية الكبيرة أن نعرف مزاياها ونقائصها، أو ما لها وما عليها ...
إذا حللنا شخصية عرابي نجد أنه كان بلا نزاع ذا شخصية قوية جذابة، تؤثر في الأفراد والجماعات ... فله من هذه الناحية أخص صفات الزعماء، ولولا هذه الموهبة لما استطاع أن يجتذب إليه محبة ضباط الجيش وجمهرة الأمة، وينال ثقتهم ويملي إرادته عليهم، وكانت له أيضا موهبة الكلام والخطابة والصوت الجهوري، وهذه أيضا من مزايا الزعماء التي تحببهم إلى نفوس الجماهير ... وقد كان لخطبه تأثير السحر في نفوس سامعيه، وكان بلا مراء يريد الخير لبلاده، ويريد لها الحرية والاستقلال، وعلى هذا الأساس قامت دعوته.
على أنه إلى جانب ذلك لم يكن على حظ كبير من الكفاية السياسية وبعد النظر ... ومن هنا جاء شططه في كثير من المواطن، وعدم تقديره للأمور وملابساتها. وعرابي معذور في ذلك لأنه لم ينل حظا كبيرا من الثقافة والإلمام بشئون السياسة وأطوارها ... فهو لا يعدو أن يكون ضابطا من تحت السلاح، لم يتخرج في المدارس الحربية ولا المدنية، ولم يعلم نفسه بنفسه تعليما ناضجا، ولم يكن له من العبقرية ما يغنيه عن الدرس والاطلاع والتحصيل.
وكان علمه محدودا ... فقد تلقى في الأزهر بعض قشور من العلوم الفقهية واللغوية، ولم يظن مكثه به أكثر من أربع سنوات. ولم يزد محصوله العلمي عن بعض الآيات الشريفة والأحاديث النبوية استظهرها وتفهم معناها، وبعض المطالعات الأدبية من آثار السلف الصالح، وكتابات الصحف الوطنية في ذلك الحين ... وهذا المحصول لا يكفي لتكوين الرأس المدبر للثورات، القدير على تذليل المعضلات، وحسن التصرف فيما يعرض على البلاد من أحداث وأزمات.
Неизвестная страница