Заим Таир Ахмад Кураби
الزعيم الثائر أحمد عرابي
Жанры
ثم قام بعده رياض باشا وارتجل خطابا وجهه إلى الضباط، جاء فيه:
ليلة سرور، تجلى فيها الصدق والإخلاص، واجتمعت فيها القلوب على قصد أداء الشكر للجناب الخديوي، غير أن تذكار محامده ومآثره الجليلة، يجعل الشكر موضعا يقع موقع الفرض الشرعي.
إن محسنات العدل ووجوه الإصلاح التي امتازت بها مدة حكم الجناب الخديوي في هذه الأوطان أمر معلوم، يعد تعدادها من قبيل تحصيل حاصل ... وأنتم معاشر الضباط تعلمون ذلك حق العلم، فلا حاجة إلى بسط الكلام فيه، ومن أراد توضيح الحقيقة، فليقارن بين الحالة الحاضرة وما قبلها بسنتين يظهر له الفرق الجلي والبون التام ما بين الحالتين، وأن ضباط العسكرية وهم من أشرف أعضاء الحكومة ممن شملتهم هذه المحسنات وعمتهم فوائد الإصلاح. ومن أهم وجوهه التي شهدناها في عصر الخديو الجليل تقرير الأمن على الأرواح والأموال، وحفظ الحقوق الشرعية وأداؤها لأربابها، ويلزم لدوام ذلك ثبوت الطمأنينة ورسوخ قاعدة الراحة العمومية، ومدار ذلك وأساسه انتظام حال العسكرية.
وقد رأيتم من أنفسكم أن حقوقكم وصلت إليكم، وأنتم روح الضبط والربط، وأنتم قوة الحاكم وآلته المنفذة، فإذا بدأ الحاكم يحسن الالتفات ونظر إليكم بعين الرأفة والرحمة، فعليكم كما أخذتكم ما لكم، أن تؤدوا ما عليكم، وهو طاعة ولي الأمر الذي هو السبب الأعظم في جميع هذه الخيرات التي شملتنا، بل هو الذي أنعش في هذا الوطن روح الحياة بعد أن أشرف على الموت والدمار، فعليكم أن تكونوا دائما على قدم الاستعداد لتنفيذ أحكامه والمحافظة على أوامره ونواميسه العادلة، وعلينا جميعا أن نبتهل إلى الله تعالى بدوام بقائه وتأييد عزه، وأن ينادي لسان الصدق منا: فليعش الجناب الخديوي! (2) خطبة عرابي بك
وبعد أن جلس رياض باشا قام أحمد عرابي بك (باشا) وأجاب بتحقيق ما قاله وزير الحربية ورئيس الوزراء، وبين ما وصلت إليه الحكومة في ذلك العهد من التقدم، ناسبا جميع ذلك إلى همة الجناب الخديوي واستقامة وزرائه وغيرتهم على المصالح ... ثم قال: إننا على الدوام مطيعون لأوامره السامية، ونحن آلته المنفذة الحاضرة بين يديه يديرها كيف يشاء، وفي أي وقت أراد، وإننا بلسان واحد نسأل الله تعالى أن يحفظه لنا ويطيل بقاءه ويعززه برجال حكومته، ويمتع البلاد بأحكامه العادلة آمين، وكلنا بلسان واحد نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الحضرة الخديوية، ويوفق رجال حكومته الكرام لإصلاح البلاد وإسعاد العباد.
عظمت مكانة عرابي في نفوس الضباط والجند بعد انتصاره في واقعة قصر النيل، وزاد من التفافهم حوله أنه تقدم بطلباته سالفة الذكر إلى وزير الحربية الجديد «البارودي» واستجاب البارودي إلى طلباته.
وبذل البارودي جهدا موفقا في إعادة التفاهم بين الحكومة والضباط، على أن هذا التفاهم لم يدم طويلا ... ولم تلبث مظاهر الخلاف وبوادر الشقاق أن باعدت بين الفريقين، وأخذ كل فريق يسيء الظن بالآخر، ويتوجس خيفة من مقاصده وتدابيره. (3) استقالة البارودي
وقعت في شهر يوليو سنة 1881 حادثة بالإسكندرية أعادت القطيعة بين الضباط والحكومة ... وذلك أن الخديو توفيق كان يقضي صيف سنة 1881 بالإسكندرية. وقد حدث يوم 25 يوليو أن عربة لأحد تجار الثغر يقودها سائق أوروبي، كانت تسير في الشارع المؤدي إلى سراي رأس التين، فصدمت جنديا من فرقة المدفعية - الطوبجية - وأصابته إصابة قاتلة، نقل على إثرها إلى المستشفى وتوفي هناك، وكان الخديو وقتئذ بالسراي، فارتأى رفاق القتيل أن يحملوه إليها، ويلتمسوا من الخديو الاهتمام بمعاقبة الجاني.
وكان هذا العمل بالغا في الخروج على النظام؛ لأن مثل هذه الحادثة لا ترفع إلى الخديو، وليس من اللائق بمقامه أن يذهب الجنود إلى قصره حاملين القتيل يعرضونه عليه ويطلبون منه معاقبة الجاني، إذ إن السراي الخديوية ليست مخفر بوليس تحمل إليه جثث القتلى ... وقد دخل الجند السراي في جلبة وضجة، وصاحوا طالبين معاقبة الجاني ... فغضب الخديو من الجند وأمر بطردهم، فانصرفوا. وبعد أيام صدر الأمر بتشكيل مجلس عسكري لمحاكمتهم، فحوكموا وصدرت عليهم أحكام بالغة منتهى القسوة. فقد حكم على الجندي الذي دعا رفاقه إلى حمل القتيل إلى السراي بالأشغال الشاقة المؤبدة، وحكم على رفاقه وهم ثمانية بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، وبأن يقضوا مدة العقوبة بليمان الخرطوم، ثم يكونوا بعد ذلك من أفراد الجيش بالأقطار السودانية ... وأقر الخديو الحكم ونفذ في المحكوم عليهم وسيقوا إلى السويس، ومنها إلى سواكن ثم إلى الخرطوم.
كان لهذا الحكم الشديد وقع أليم في النفوس، وكتب عبد العال بك حلمي تقريرا إلى وزير الحربية «البارودي» يشكو فيه من قسوته، وذكر بعض الحوادث التي تجري في آلايه، والدسائس التي لا تنقطع.
Неизвестная страница